للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال الإمام ابن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ -: قد جاءت الأخبار عن رافع بعلل تدلّ على أن النهي كان لتلك العلل.

وقال الإمام الليث بن سعد - رَحِمَهُ اللهُ -: الذي نَهَى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر إذا نظر إليه ذو البصيرة بالحلال والحرام عَلِمَ أنه لا يجوز.

وأيضًا فقد وقع في حديث جابر - رضي الله عنه - نحو ما وقع في حديث رافع، لكن الجواب هو الجواب المذكور، فقد وقع في بعض طرقه: "أنهم كانوا يختصون بأشياء من الزرع من القِصْرِيّ، ومن كذا، ومن كذا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: من كان له أرض، فليَزْرَعها، أو ليمنعها أخاه"، فهذا مفسّر مبين ذُكر فيه سبب النهي، وأُطلق في غيره من الألفاظ، فينصرف مطلقها إلى هذا المقيّد المبيّن، وأن المراد بالنهي هو هذا النوع.

وقال الإمام البيهقيّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "السنن الكبرى": "باب من أباح المزارعة بجزء معلوم مشاع، وحمل النهي عنها على التنزيه، أو على ما لو تضمّن العقد شرطًا فاسدًا"، ثم أورد الأحاديث، وأورد إنكار ابن عبّاس، وزيد بن ثابت - رضي الله عنهم - على رافع بن خَدِيج، حيث قال ابن عبّاس - رضي الله عنهما -: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يُحرّم المزارعة، ولكن أمر أن يرفُق الناس بعضهم من بعض".

وقال زيد بن ثابت - رضي الله عنه -: يغفر الله لرافع بن خَدِيج، أنا والله كنت أعلم بالحديث منه، إنما أتى رجلان من الأنصار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قد اقْتَتَلا، فقال: "إن كان هذا شأنَكم، فلا تُكروا المزارع"، فسمع قوله: "لا تُكروا المزارع".

قال البيهقيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: زيد بن ثابت، وابن عبّاس - رضي الله عنهما - كأنهما أنكرا - والله أعلم - إطلاق النهي عن كراء المزارع، وعَنَى ابن عبّاس بما لم يُنه عنه من ذلك: كراءها بالذهب والفضّة، وبما لا غرر فيه، وقد قيّد بعض الرواة عن رافع الأنواع التي وقع النهي عنها، وبيّن علّة النهي، وهي ما يُخشى على الزرع من الهلاك، وذلك غرر في العوض، يوجب فساد العقد، قال: وقد روينا عن زيد بن ثابت ما يوافق رواية رافع بن خَديج وغيره، فدلّ أن ما أنكره غير ما أثبته، والله أعلم.

قال: ومن العلماء من حمل أخبار النهي على ما لو وقعت بشروط