"اللباب"(١). (قَالَ: انْطَلَقْتُ أنَا وَسِنَانُ بْنُ سَلَمَةَ) بن الْمُحَبّق، أخو موسى، تأتي ترجمته بعد حديث -إن شاء الله تعالى- (مُعْتَمِرَيْنِ) منصوب على الحال من الفاعل (قَالَ) موسى (وَانْطَلَقَ سِنَانٌ مَعَهُ بِبَدَنَةٍ) بفتحات: هي الناقة، أو البقرة، وقيل: هي الإبل خاصّة، وتقدّم تمام البحث فيها قريبًا، وجملة (يَسُوقُهَا) في محلّ جرّ صفة لـ "بدنة"(فَأَزْحَفَتْ عَلَيْهِ بِالطَّرِيقِ) قال النوويّ رحمه اللهُ: "أزحفت" -بفتح الهمزة، وإسكان الزاي، وفتح الحاء المهملة- هذا رواية المحدثين، لا خلاف بينهم فيه، قال الخطابيّ رحمه اللهُ: كذا يقوله المحدثون، قال: وصوابه، والأجود:"فَأُزْحِفَتْ" -بضم الهمزة- يقال: زَحَفَ البعيرُ: إذا قام، وأزحفه، وقال الهرويّ وغيره: يقال: أزحف البعيرُ وأزحفه السير، بالألف فيهما، وكذا قال الجوهريّ وغيره، يقال: زَحَفَ البعيرُ، وأزحف لغتان، وأزحفه السيرُ وأزحف الرجلُ: وقف بعيره، فحصل أن إنكار الخطابيّ ليس بمقبول، بل الجميع جائز، ومعنى "أزحف": وقف من الْكَلال، والإعياء. انتهى كلام النوويّ: رحمه اللهُ (٢)، وهو تعقّبٌ جيّد.
وقال الفيّوميّ رحمه اللهُ: زحف البعير، من باب نَفَعَ: إذا أعيا، فَجَرّ فِرْسِنَهُ، فهو زاحفةٌ، الهاء للمبالغة، والجمع زواحفُ، وأزحف بالألف لغةٌ، ومنه قيل: زَحَفَ الماشي، وأزحف أيضًا: إذا أعيا، قال أبو زيد: ويقال لكلّ مُعْيٍ سمينًا كان، أو مَهْزُولًا: زَحَفَ. انتهى (٣).
(فَعَيِيَ بِشَأْنِهَا) ذكر صاحب "المشارق"، و"المطالع" أنه رُوي على ثلاثة أوجه: أحدها، وهي رواية الجمهور:"فَعَيَى" بياءين، من الإعياء، وهو العجز، ومعناه: عَجَزَ عن معرفة حكمها لو عَطِبت عليه في الطريق، كيف يَعْمَل بها.
والوجه الثاني:"فَعَيَّ" بياء واحدة مشددة، وهي لغة بمعنى الأولى.
والوجه الثالث:"فَعُنيَ" بضم العين، وكسر النون، من العناية بالشيء، والاهتمام به. انتهى.