أبي سُفيان، أُزَوِّجُكَها. قال:"نعم". قال: ومعاوية تجعلُه كاتبًا بين يديك. قال:"نعم". قال: وتُؤَمِّرُني حتى أقاتلَ الكُفّارَ كما كنتُ أقاتلُ المسلمين. قال:"نعم".
قال أبو زُمَيل: لولا أنّه طلب ذلك من النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ما أعطاه ذلك؛ لأنه لم يُسْأَلْ شيئًا إلا قال نعم.
انفرد بإخراجه مسلم (١).
وهذا الحديث وَهَمٌ من بعض الرواة بلا شكّ. وقد اتّهموا بذلك الوهم عكرمة بن عمّار، وقد ضعّفَ أحاديثَه يحيى بن سعيد، وقال: ليست بصحاح. وكذلك قال أحمد بن حنبل: هي أحاديث ضعاف. ولذلك لم يخرج عنه البخاري، وإنما أخرج عنه مسلم، لأن يحيى بن معين قال: هو ثقة (٢). إنما قلنا: إنّ هذا وَهَم؛ لأن الرواة أجمعوا على أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بَعَثَ إلى النجاشي ليخطُبَ له أمَّ حبيبة، وكانت قد هاجرت إلى الحبشة، وذلك في سنة سبع، فتزوَّجَها وبُعِثَتْ إليه. وأسلم أبو سُفيان سنة ثمان (٣).
(٢٩٨٣) الحديث الثامن عشر بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى عن عبيد اللَّه بن الأخنس قال: أخبرني ابن أبي مُليكة أن ابن عبّاس أخبره:
أنّ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"كأنّي أنظُر إليه أسودَ أفحجَ، يَنْقُضُها حَجَرًا حَجَرًا" يعني الكعبة.
انفرد بإخراجه البخاري (٤).
والأفحج: المتباعد ما بين الفخذين.
(٢٩٨٤) الحديث التاسع عشر بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى عن ابن أبي ذئب قال: حدّثني قارظ عن أبي غطَفان قال:
(١) مسلم ٤/ ١٩٤٥ (٢٥٠١). (٢) ينظر في عِكرمة موسوعة أقوال الإمام أحمد ٣/ ٢٣، والجرح والتعديل ٧/ ١٠، والسير ٧/ ١٣٤. (٣) قال الحميدي في الجمع ٢/ ١٣١: قال لنا بعض الحفّاظ: هذا الحديث وهم فيه بعض الرواة، لأنه لا خلاف بين اثنين من أهل المعرفة بالأخبار أنّ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تزوج أم حبيبة قبل الفتح بدهر وهي بأرض الحبشة، وأبوها كافر يومئذ، وفي هذا هذا نظر. وينظر ما ذكر المؤلّف في هذا في كتابه كشف المشكل ٢/ ٤٦٢، وينظر أيضًا تفصيل الكلام في ذلك عند شرّاح مسلم، ومنهم النووي ١٦/ ٢٩٥، والأبّي والسنوسي ٦/ ٣٤٠. (٤) المسند ٣/ ٤٥٩ (٢٠١٠)، والبخاري ٣/ ٤٦٠ (١٥٩٥).