الحال. {فِي أُخْرَاكُمْ}: في ساقتكم وجماعتكم الأخرى، وهي المتأخرة، يقال: جئت في آخر الناس وأُخراهم، كما تقول: في أَولهم وأُولاهم، بتأويل مقدمتهم وجماعتهم الأُولى، فاعرفه فإنه من كلام الزمخشري (١).
وقوله:{فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ} عطف على {صَرَفَكُمْ}، والكاف والميم مفعول أول، و {غَمًّا} مفعول ثان، أي: فجازاكم غمًّا حين صرفكم عنهم وابتلاكم بعد غم.
وقيل: الباء بمعنى على (٢)، وقيل: بمعنى مع (٣)، أي: فجازاكم غمًّا على غم، أو غمًّا مع غم، أي متصلًا بغم، فيكون {بِغَمٍّ} على هذه التقديرات في موضع نصب على النعت لغم.
وقيل: المعنى بسبب غم (٤).
والمستكن في {فَأَثَابَكُمْ} الله تعالى، وقد جُوِّزَ أن يكون لـ {وَالرَّسُولُ} عليه الصلاة والسلام (٥).
وقوله:{لِكَيْلَا تَحْزَنُوا}: اللام متعلقة بقوله: {فَأَثَابَكُمْ}، وقيل: بـ {عَفَا عَنْكُمْ}، كل (٦)، لأن في عفوه تعالى ما يذهب كل هم وحزن، والمعنى على نفي الحزن عنهم، والناصبة هنا هي كي بنفسها لأجل اللام قبلها.
(١) الكشاف ١/ ٢٢٣. (٢) قاله الأخفش ١/ ٢٣٦، والطبري ٣/ ١٣٤، والماوردي ١/ ٤٣٠. (٣) ذكره الماوردي أيضًا، وحكاه ابن عطية ٣/ ٢٦٧ مع الذي قبله عن جماعة كبيرة من المتأولين. (٤) قاله الزمخشري ١/ ٢٢٣ وفسره هكذا: بسبب غم أذقتموه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعصيانكم له، وانظر المحرر الوجيز ٣/ ٢٦٧. (٥) كذا أيضًا في الكشاف ١/ ٢٢٣. (٦) من الآية السابقة، وقدم القرطبي ٤/ ٢٤١ هذا القول على الأول. بينما لم يذكر ابن عطية ٣/ ٢٦٨ إلا الأول.