مذهبين: منهم من يجريه مجرى الجمع نحو: {مُّسْلِمُونَ}، فيقول: هذه نَصِيبونَ، ومررت بنصيبينَ، ورأيت نصيبينَ، ومنهم من يجريه مجرى المفرد ويلزمه الإعراب كما يلزم الاسم المفرد الذي لا ينصرف، ويجعل الإعراب في النون فيقول: هذه نَصيبينُ، ومررت بنصيبينَ ورأيت نصيبينَ. وذكرت هذا القدر، وإن لم يكن مقصودًا لتعرف به ما أشار إليه الزمخشري.
وقوله:{وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} في (الأمين) هنا أوجه: أن يكون بمعنى المأمون على ما أودعه الله تعالى من معالم دينه، فعيل بمعنى مفعول، وأن يكون بمعنى الآمن، كقوله:{حَرَمًا آمِنًا}(١)، فعيل بمعنى فاعل، وأن يكون بمعنى المؤمِن، أي: يُؤمِنُ مَن دَخَلَه، كقوله:{وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}(٢)، فَعِيل بمعنى مُفْعِل، كبديع وأليم بمعنى مبدع ومؤلم.
قوله:{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} هذا جواب القسم، و {فِي أَحْسَنِ} في موضع الحال من الإنسان، أي: معتدلًا مستقيمًا، أي: في حال اعتداله واستقامته، وهي حال مقدرة.
وقوله:{ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}(أسفل) يجوز أن يكون حالًا من الضمير المنصوب، وأن يكون ظرفًا، أي: إلى أسفل قوم سافلين، وأن يكون صفة لمكان محذوف.
وقوله:{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} الاستثناء متصل عند قوم، والمستثنى منه الضمير المنصوب في قوله:{ثُمَّ رَدَدْنَاهُ}، لأنه في معنى الجمع. ومنقطع عند آخرين، والمراد بأسفل سافلين على الوجه الأول: النار، وعلى الثاني: الهرم (٣).
(١) سورة القصص، الآية: ٥٧. (٢) سورة آل عمران، الآية: ٩٧. (٣) انظر المعنيين في إعراب النحاس ٣/ ٧٣٣.