وقوله:(نَسْلُكْه عذابًا صَعَدًا) الجمهور على فتح نون نَسلكه، سلكت الخيط في الإبرة، إذا أدخلته فيها، وكذا هنا التقدير: نسلكه في عذاب، وكفاك دليلًا:{مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ}(١) فحذف الجار وأوصل الفعل.
وقرئ:(نُسلكه) بضم النون (٢)، من أسلكت، يقال: سلكته وأسلكته، لغتان بمعنىً. و {صَعَدًا} صفة لعذاب، أي: شاقًا، والمعنى: ذا صَعَدٍ، أي: ذا مشقةٍ، قيل: وهو مصدر صَعِد، يقال: صَعِدَ يَصعَدُ صَعَدًا وصُعُودًا، فوصف به العذاب لأنه يَتَصَعَّدُ المُعَذَّبَ، أي: يعلوه ويغلبه فلا يطيقه.
قوله عز وجل:{وَأَنَّهُ} أي: وأن الشأن أو الحديث. {لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} أي: يدعو الله، وهو في موضع الحال، أي: دَاعِيًا مُصَلِّيًا.
{كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا}: الجمهور على كسر اللام وفتح الباء مخففة، وهو جمع لِبْدَةٍ، وهي ما تَلَبَّدَ بَعْضهُ على بعض، ومن هذا اشتقاق هذه اللُبود
(١) سورة المدثر، الآية: ٤٢. والقراءة من المتواتر للمدنيان والابنان وأبي عمرو. وقرأ الباقون: (يَسْلُكْهُ). انظر الحجة ٦/ ٣٣٢. والمبسوط/ ٤٤٩/. (٢) قرأها مسلم بن جندب كما في إعراب النحاس ٣/ ٥٢٦. ومختصر الشواذ /١٦٣/. والقرطبي ١٩/ ١٩. ونسبت في المحرر الوجيز ١٦/ ١٣٨ - ١٣٩ إلى ابن جبير، وأظنه تصحيفًا والله أعلم.