قوله عز وجل:{وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} نَصْبٌ بـ {أَهْلَكَ} عَطْفٌ على {عَادًا} لا بقوله: {فَمَا أَبْقَى}، لأن ما بعد النفي لا يعمل فيما قبله، وكذلك قوله:{وَقَوْمَ نُوحٍ} عطف على {عَادًا}، أي: وأهلك قوم نوح من قبل عاد وثمود.
وقوله:{وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى} عطف أيضًا، أي: وأهلك المؤتفكة (١)، ومفعول {أَهْوَى} محذوف، وهو ضمير المؤتفكة، والإهواء هنا: بمعنى الإسقاط، وفي التفسير: أنه رفعها إلى السماء على جناج جبريل عليه السلام ثم أهواها إلى الأرض، أي: أسقطها (٢). وقيل: أهْوَى: أكثر هوًى (٣)، وهو من باب التفضيل، كـ {أَظْلَمَ وَأَطْغَى}، ومحله على هذا النصب إما على أنه خبر كان، أو على أنه حال، والتقدير: وأهلك أهل المؤتفكة وكانوا أكثر هَوًى من عادٍ وثمود، أو في حال كونهم أكثر هَوَىً منهم.
وقوله:{فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى} المنوي في الفعل الأول لله عز وجل، أي: أَلْبَسَ الله المؤتفكة ما ألبسها من العذاب، فمفعولا الفعل الأول مذكوران، أحدهما: ضمير المؤتفكة، والثاني:{مَا}، وكذا المنوي في الفعل الثاني له جل ذكره، وأما مفعولاه فمحذوفان، أحدهما: ضمير {مَا}، والآخر
(١) هي المنقلبة بالخسف، وهي مدائن قوم لوط عليه السلام. (٢) انظر جامع البيان ٢٧/ ٧٩. (٣) يعني أكثر ارتكابًا للهوى. وانظر هذا القول في النكت والعيون ٥/ ٤٠٦.