لأَفْعَلَنَّ، أي: بالله لأفعلن، و {لَأَمْلَأَنَّ} جواب القسم، أي: فبالحق لأملأن، {وَالْحَقَّ أَقُولُ} اعتراضٌ بين المقسم به والمقسم عليه. وأن يكون قسمًا، أي: حقًا لأملأن، كقولك: حقًا لأفعلن كذا، والمعنى: أحق حقًا لأملأن، وما بينهما اعتراض.
وأمما الرفع: فيجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: فأنا الحق، كقوله:{وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ}(١) وأن يكون بالعكس، أي: فالحق قسمي لأملأن، كقوله:{لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ}(٢) أو فالحق مني، كقوله:{الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ}(٣)، وقد جوز أن يكون (الحقُّ) هنا هو الله عزَّ وجلَّ، كما قال:{وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ}، وأن يكون الذي هو نقيض الباطل، عَظّمه الله بإقسامه به إن قلنا مقسم به.
وأما (الحَقَّ) الثاني: فالجمهور على نصبه، ونصبه بقوله:{أَقُولُ}، أي: أقول الحق. وقرئ: بالرفع (٤)، ورفعه إما على حذف مفعول أقول، أي: أقوله، كقوله:
وإما على إضمار مبتدأ، أي: فأنا الحق، وقولي الحق، و {أَقُولُ} على هذا متصل بما بعده، أي: أقول والله لأملأن، وقد جوز أن يكون الحق الثاني هو الأول كُرّر على معنى التوكيد (٦). وقد حُكي فيهما الجر، عَزْوًا إلى
(١) سورة النور، الآية: ٢٥. (٢) سورة الحجر، الآية: ٧٢. (٣) سورة البقرة، الآية: ١٤٧. (٤) نسبت إلى ابن عباس -رضي الله عنهما-، والأعمش، ومجاهد. انظر مختصر الشواذ/ ١٣٠/. والمحرر الوجيز ١٤/ ٥٥. وهي رواية محبوب عن أبي عمرو كما في زاد المسير ٧/ ١٥٨. (٥) تقدم هذا الشاهد برقم (١٨٢). والعبارة في (ب) و (ج): كله أصنع. (٦) جوزه الزمخشري ٣/ ٣٣٦. والعكبري ٢/ ١١٠٧. والسمين ٩/ ٤٠٢.