و {حَيْثُ} يجوز أن يكون معمول (سَخَّرنَا)، وأن يكون معمول تجري.
و{أَصَابَ}: قصدَ وأرادَ في لغة حمير (١)، يقولون: أصاب الصواب وأخطأ الجواب (٢). وعن رؤبة: أن رجلين من أهل اللغة قصداه ليسألاه عن هذه الكلمة، فخرج إليهما فقال: أين تصيبان؟ فقالا: هذه طلبتنا، ورجعا (٣).
(والشياطين) عطف على الريح، أي: وسخرنا له كل بَنّاء وغواص من الشياطين. {وَآخَرِينَ} عطف على {كُلَّ} داخل في حكم البدل، وهو بدل الكل من الكل. و {مُقَرَّنِينَ} صفة لآخرين، كانوا يبنون له ما شاء من الأبنية، كقوله:{يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ}(٤) ويغوصون له فيستخرجون له من اللؤلؤ. والأصفاد: جمع صَفَد، وهو القيد.
وقوله:{هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} اختلف في الباء في {بِغَيْرِ حِسَابٍ}: فقيل: من صلة {عَطَاؤُنَا}. وقيل في موضع الحال، وفي ذي الحال وجهان:
أحدهما:{عَطَاؤُنَا}، أي: هذا عطاؤنا كثيرًا واسعًا، وتعضد الوجهين قراءة من قرأ:(هَذَا فامنن أَوْ أَمْسِكْ عطاؤنَا بغير حساب) أعني تعلقه بـ {عَطَاؤُنَا} أو حالًا منه، وهو ابن مسعود -رضي الله عنه- (٥).
والثاني: المنوي في {فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ}، أي: غير محاسَبٍ.
(١) كذا في القرطبي ١٥/ ٢٠٦ أيضًا. وحكاه الماوردي ٥/ ٩٩ عن قتادة أنه بلسان هجر. وكونه بمعنى (أراد) أخرجه الطبري ٢٣/ ١٦١ - ١٦٢ عن كثيرين. (٢) حكوه عن الأصمعي. انظر معاني النحاس ٦/ ١١٥. والنكت والعيون ٥/ ٩٩. والكشاف ٣/ ٣٢٩. (٣) كذا عن رؤبة في الكشاف الموضع السابق. (٤) سورة سبأ، الآية: ١٣. (٥) انظر قراءته في معاني الفراء ٢/ ٤٠٥. وجامع البيان ٢٣/ ١٦٤. والكشاف ٣/ ٣٣٠.