وقوله:{مِنْ بَعْدِهِ} أي: بعد إمساكه، فحذف المضاف لدلالة {يُمْسِكْ} عليه، وأنث الضمير أولًا حملًا على معنى {مَا}، وذُكِّرَ ثانيًا على لفظ {مَا}، ولأن الأول فُسِّر بالرحمة فَحَسُنَ إتباع الضمير التفسير، ولم يفسر الثاني فتُرك على أصل التذكير، قاله: الزمخشري (١).
قوله عز وجل:{هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} استفهام بمعنى النفي، ومحل {مِنْ خَالِقٍ} الرفع إما بإضمار فعل دل عليه {يَرْزُقُكُمْ}، أو بالابتداء والخبر محذوف، أي: لكم، أو في الوجود، أو يرزقكم، أو غير الله، على ما سيأتي بيانه إن شاء الله، و (مِنْ) زائدة، زيدت لعموم النفي.
وقرئ:(غيرُ الله) بالرفع والجر (٢)، وحكي فيه النصب أيضًا (٣). أما الرفع: فيحتمل أوجهًا: أن يكون وصفًا لخالق على المحل، وأن يكون خبرًا له، وأن يكون فاعلًا به، أي: هل يخلق غير الله شيئًا؟ كقولك: هل ضارب إلا زيدٌ؟ [أي: هل يضرب إلا زيدٌ](٤) وأما الجر: فعلى الوصف لخالق على
(١) الكشاف ٣/ ٢٦٧. (٢) قرأ أبو جعفر، وحمزة، والكسائي، وخلف: (غيرِ) بالجر. وقرأ الباقون: (غيرُ) بالرفع انظر السبعة/ ٥٣٢/. والحجة ٦/ ٢٦. والمبسوط/ ٣٦٦/. (٣) هي قراءة الفضل بن إبراهيم النحوي كما في مختصر الشواذ/١٢٣/. (٤) من (ج) فقط.