النار، وجاز إسناد الفعل إليها وإن كان المقلِّبُ هو الله جل ذكره للملابسة التي بينهما، أعني بين النار والوجوه حيث كانت فيها، كقولهم: نَهَارُكَ صَائِمٌ، ولَيْلُكَ قَائِمٌ (١)، وكفاك دليلًا:{بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}(٢).
و(تَقَلَّبُ) بتاء واحدة مفتوحة (٣)، بمعنى تتقلب، والفعل للوجوه.
قوله عز وجل:{إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا} قرئ: بفتح التاء (٤)، وهو جمع سيد، واقع على القليل والكثير لكونه مُكَسَّرًا، وقرئ:(سَادَاتِنَا). بالألف بعد الدال وكسر التاء (٥)، وهو جمع سادة، وإنما جمع الجمع تنبيهًا على كثرة المضلين والمغوين، ونظيره قولهم: الطرقات والجرزات وشبههما، قال أبو الحسن: لا يكادون يقولون سادات، وهي عربية (٦).
وقوله:(لعنا كثيرا) قرئ: بالثاء (٧) لأنهم يلعنون لعنا بعد لعن، وذلك يقتضي الكثرة. وبالباء (٨) بمعنى عظيمًا. والقراءتان متقاربتان في المعنى وإن اختلف اللفظان.
(١) انظر الكتاب ١/ ٣٣٧. (٢) سورة سبأ، الآية: ٣٣. (٣) نسبها ابن خالويه / ١٢٠/ إلى الحسن، وعيسى، وأبي جعفر الرؤاسي. وعزاها ابن عطية ١٣/ ١٠٢ إلى أبي حيوة أيضًا. (٤) هذه قراءة أكثر العشرة كما سوف أخرج. (٥) قراءة صحيحة لابن عامر، ويعقوب. انظر السبعة / ٥٢٣/. والحجة ٥/ ٤٨٠. والمبسوط / ٣٥٩/. والتذكرة ٢/ ٥٠٣. (٦) انظر قوله في الحجة ٥/ ٤٨١. (٧) هذه قراءة جمهور العشرة ما خلا عاصمًا كما سوف أخرج. (٨) قرأها عاصم وحده. انظر القراءتين في السبعة / ٥٢٣/. والحجة ٥/ ٤٨١. والمبسوط / ٣٥٩/. والتذكرة ٢/ ٥٠٣. والكشف ٢/ ١٩٩.