فصلًا لأن المضارع يشبه الاسم، ولو كان مكان {يَفْصِلُ} فَصَلَ ما جاز أن يكون فصلًا، وقد مضى الكلام على "الفصل" فيما سلف من الكتاب بأشبع ما يكون، فأغنى ذلك عن الإِعادة هنا (١).
قوله عز وجل:{أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ} في فاعل الفعل وجهان:
أحدهما: ضمير اسم الله جل ذكره، تعضده قراءة من قرأ:(أو لم نهد لهم) بالنون (٢).
والثاني: ما دل عليه {كَمْ أَهْلَكْنَا}، أي: أو لم يهد لهم كثرة إهلاكنا القرون الماضية، وقيل التقدير: أو لم يهد لهم الهدى. وقد مضى الكلام على هذا في سورة "طه"(٣).
وعن الفراء: أن فاعله هو {كَمْ}(٤)، وهو خطأ عند أصحابنا لأن (كم) لا تقع فاعلة خبريةً كانت أو استفهامية، لأن لها صدر الكلام، و {كَمْ} في موضع نصب بأهلكنا، والضمير في {لَهُمْ} لأهل مكة.
وقوله:{يَمْشُونَ} في موضع الحال من الهاء والميم في {لَهُمْ}، أو من القرون المهلكين، والعامل فيها على الوجه الأول:{يَهْدِ}، وعلى الثاني: إهلاكنا، والتقدير والمعنى على الوجهين: أو لم يهد لهم كثرة
(١) انظر إعرابه للآية (٥) من البقرة. (٢) قرأها علي، وابن عباس رضي الله عنهم، وأبو عبد الرحمن السلمي، والحسن، وقتادة. انظر إعراب النحاس ٢/ ٦١٦. ومختصر الشواذ / ١١٨/. والمحرر الوجيز ١٣/ ٤٢. وزاد المسير ٦/ ٣٤٤. والقرطبي ١٤/ ١١٠. (٣) انظر إعرابه للآية (١٢٨) منها. (٤) معانيه ٢/ ٣٣٣.