الحال، لأن حكم هذه حكم الظروف، وأنت إذا قلت: خرج زيد يوم الجمعة، فلم تحتج إلى شيء يرجع إلى زيد، فكذلك هذه لقيامها مقامها، فاعرفه.
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه -: (وَبَحْرٌ يَمُدُّهُ) على التنكير مع الرفع (١)، ورفعه إما بالابتداء وخبره محذوف، أي: وهناك بحر من صفته كيت وكيت، والواو للحال. أو بالعطف على موضع أن ومعمولها على ما ذكر آنفًا في قراءة الجمهور.
فإن قلت: هل يجوز أن يكون (وبحر) على قراءة ابن مسعود - رضي الله عنه - معطوفًا على {أَقْلَامٌ}؟ . قلت: مُنع ذلك، لأن البحر وما فيه من الماء ليس من حديث الشجر والأقلام، وإنما هو من حديث المداد، وهو ما يكتب به، تعضده قراءة من قرأ:(والبحر مداده) وهو جعفر بن محمد - رضي الله عنهما - (٢) وقرئ أيضًا: (والبَحْرُ يُمِدُّهُ)(٣) على التشبيه بإمداد الجيش.
قال صاحب الكتاب - رحمه الله -: وإذا نصبت البحر أو رفعته فالمعنى: فَكُتِبَ ما في تقدير الله، لنفد ذلك قبل نفاد المقدور (٤).
قال أبو علي - رحمه الله -: ونحو هذا من الجمل قد تحذف لدلالة الكلام عليها، كقوله تعالى:{فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ}(٥) والمعنى: فضرب فانفلق، ومثله:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ}(٦) والمعنى: فحلق فعليه فدية، ومثله:{اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ}(٧) والمعنى: فذهب فألقى الكتاب فقرأته المرأة، أو قرئ عليها
(١) وهي قراءة طلحة بن مصرف أيضًا. انظر المحتسب الموضع السابق. والمحرر الوجيز ١٣/ ٢٤. والبحر ٧/ ١٩١. (٢) انظر قراءته في مصادر القراءة السابقة المواضع نفسها. (٣) قرأها الأعرج، والحسن رحمهما الله. انظر المصادر السابقة أيضًا. (٤) انظر الكتاب ٢/ ١٤٤. والعبارة من كلام أبي علي عن سيبويه كما سوف أخرج. (٥) سورة الشعراء، الآية: ٦٣. (٦) سورة البقرة، الآية: ١٩٦. (٧) سورة النمل، الآية: ٢٨.