قوله عز وجل:{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ} يجوز أن يكون من صلة التفكر على أنه ظرف له، على معنى: أولم يحدثوا التفكير في أنفسهم، أي: في قلوبهم الفارغة من الفكر، فيكون {مَا خَلَقَ اللَّهُ. . .} الآية متصلًا بما قبله، ومحل الجملة نصب بقوله:{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا} وإن كان {مَا} نفيًا كقوله: {وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ}(١).
وأن يكون من صلته على أنه مفعول به ومعمول للتفكر لا ظرف له، كقوله:{أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}(٢) يقال: تفكر فلان في كذا وأجال فيه، والمعنى: هلَّا تفكَّروا في أنفسهم التي هي أقرب إليهم من غيرها من المخلوقات، وهم أعلم وأخبر بأحوالها من أحوال ما عداها من سائر المخلوقات، وهي لفظة استبطاء، كأنه قيل: قد كان ينبغي لهم أن يتفكروا، فإنهم لو تفكروا لقالوا:(ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق)، فيكون قوله:{مَا خَلَقَ اللَّهُ} من صلة القول المحذوف المقدر المذكور آنفًا، كأنه قيل: أولم يتفكروا فيقولوا هذا القول (٣).
والباء في قوله:{بِالْحَقِّ} للحال، وقد ذكر نظيرها فيما سلف من الكتاب في غير موضع (٤).
وقوله:{بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ} من صلة (كافرون)، واللام لا تمنع ذلك، لأن حكمها أن تكون في الابتداء، وإنما أخرت لأجل دخول {إِنَّ}.