- أي الشهادة - بمنزلة العلم، وأَنْ الناصبة لا تقع بعد العلم، ولا يجوز أن تكون المفسرة بمعنى (أي) كالتي في قوله عز وجل: {أَنِ امْشُوا}(١) لأن تلك إنما تأتي بعد كلام تام، وقوله:{وَالْخَامِسَةُ} ليس بكلام تام، ولا يجوز أن تكون مزيدة، لأن المعنى: والخامسة أن الشأن أو الأمر كيت وكيت، تعضده قراءة من قرأ:(أَنْ غَضَبُ اللهِ) وهو يعقوب (٢).
قوله عز وجل:{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ} جواب (لَوْلَا) محذوف، أي: لنال الكاذب منكم عذاب عظيم، ولعجلكم بالعقوبة أو نحو ذلك، وحذفه أبلغ من الإتيان به، والفضل: التفضل. وقوله:{وَأَنَّ اللَّهَ} عطف على {فَضْلُ اللَّهِ} أي: ولولا فضل الله وكون الله توابًا حكيمًا لكان كيت وكيت.
وقوله:{إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ}(عصبة) خبر {إِنَّ}، و {مِنْكُمْ} في موضع الصفة لها، والفائدة منوطة بالصفة، والإفْكُ أبلغ ما يكون من الكذب والافتراء، وأصله الانقلاب، ومنه "المؤتفكات"(٣) يقال: أَفِكَ الشيءَ يَأْفِكُهُ أفْكًا، إذا قلبه وصرفه عن وجهه، وسمى الكذب إفكا، لأنه قول مأفوك عن وجهه.
والعصبة من الرجال: ما بين العشرة إلى الأربعين يتعصبون، أي: يتشددون ويجتمعون، واعصوصبوا، أي: اجتمعوا.
(١) سورة ص، الآية: ٦. (٢) تقدم تخريج قراءته قبل قليل. (٣) من ألفاظ القرآن الكريم، انظر الآية (٧٠) من سورة التوبة، والآية (٩) من الحاقة. وقيل في تفسيرها: إنها المدن التي قلبها الله تعالى على قوم لوط عليه السلام.