وقوله:{إِنَّهُ} أي: إن الأمر أو الشأن، أو إن الله كان وعده مأتيًا، أي: آتيًا، مفعول بمعنى فاعل، عن الفراء, لأن كل ما وصل إليك فقد وصلت إليه (١). وقيل: المراد بالوعد الموعود به وهو الجنة، فيكون {مَأْتِيًّا} على بابه, لأن عباده الصالحين يأتونها (٢).
قوله عز وجل:{لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا} يعني ما يلغى من القول مما لا طائل تحته. {إِلَّا سَلَامًا} استثناء منقطع، أي: لكن يسمعون سلامًا، وهو أن يحيي بعضهم بعضًا بالسلام (٣).
وعن أبي إسحاق: السلام بمعنى السلامة، على أن أهل الجنة لا يسمعون ما يؤثمهم، وإنما يسمعون ما يسلمهم (٤)، أي: لكن يسمعون قولًا ذا سلام، أي: ذا سلامة.
وقوله:{وَمَا نَتَنَزَّلُ} على إرادة القول، أي: قل أو قولوا وما نتنزل، وقرئ:(وما يتنزل) بالياء النقط من تحته. مكان النون (٥) على الحكاية عن جبريل - عليه السلام - والمنوي فيه للوحي أو لجبريل، فلا تكون الحكاية عن جبريل - عليه السلام -.
(١) انظر معاني الفراء ٢/ ١٧٠. وهو قول الزجاج ٣/ ٣٣٦. وحكاه النحاس في الإعراب ٢/ ٣٢١ عن ابن قتيبة. (٢) رجح الزمخشري ٢/ ٤١٥. وابن عطية ١١/ ٤٢ هذا الوجه. (٣) اقتصر الطبري ١٦/ ١٠٢ على هذا المعنى، لكنه قال: هو تحية الملائكة إياهم. (٤) معاني أبي إسحاق الزجاج ٣/ ٣٣٧. ووافقه النحاس في معانيه ٤/ ٣٤٢. وانظر المعنيين في النكت والعيون ٣/ ٣٨١ حيث عزا الأول لمقاتل. (٥) قرأها الأعرج كما في مختصر الشواذ / ٨٥/. والكشاف ٢/ ٤١٧. والمحرر الوجيز ١١/ ٤٣. ونسبت في زاد المسير ٥/ ٢٤٨ إلى ابن السميفع، وابن يعمر.