قوله عز وجل:{لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ} موضع {أَنَّ} رفع بما تضمن {لَا جَرَمَ} من معنى المصدر، والمصدر: متضمن لمعنى الفعل، حقَّ حقًا أن الله يعلم سرهم وعلانيتهم.
وقال أبو إسحاق:{لَا} ردٌّ لكلام سابق، و {جَرَمَ} فعل ماض بمعنى وَجَب (١). والمعنى: لا كما زَعَمَ الكفار، ثم ابتدأ فقال: جرم أن الله، أي: وجب علمه بما يُسِرُّونه وما يعلنونه من كفرهم فيجازيهم عليه.
أو في موضع نصب على تضمين {جَرَمَ} معنى كسب، أي كسب فعلهم أو كفرهم، أي: لهم النار (٢)، وقد مضى الكلام عليه فيما سلف من الكتاب بأشبع من هذا (٣).
قوله عز وجل:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ}(مَا) مرفوع بالابتداء، و (ذا) بمعنى (الذي) وهو خبر (ما)، و {أَنْزَلَ رَبُّكُمْ} صلته، والراجع محذوف، أي: أنزله ربكم. و {أَسَاطِيرُ}: خبر مبتدأ محذوف، أي: الذي ذكرتم أنه أنزله ربكم أساطير الأولين.
ولك أن تجعل {مَاذَا} اسمًا واحدًا في موضع نصب بـ {أَنْزَلَ} أي: أيّ شيء أنزل ربكم؟ و {أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}: رفع على: هو أساطير الأولين.
(١) معاني الزجاج ٣/ ١٩٤. وحكاه بمعناه. (٢) هذا الوجه للزجاج ٣/ ٤٥ - ٤٦. والأول لسيبويه، والخليل، والفراء، والمبرد. انظر الكتاب ٣/ ١٣٨. وإعراب النحاس ٢/ ٨٤ - ٨٥. (٣) عند إعراب الآية (٢٢) من "هود".