قيل: وهو في الأصل فاعل من ودي، إذا سال، ومنه الوَدْيُ (١). وجمعه أودية على غير قياس، كأنه جمع وديٍّ، كسَرِيّ وأسرية للنهر (٢). وعن الفراء: جمعه أوداء، كصاحب وأصحاب (٣).
{إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ}: في المفعول القائم مقام الفاعل وجهان:
أحدهما: مستكن في {كُتِبَ} راجع إلى {عَمَلٌ صَالِحٌ}(٤)
والثاني: محذوف تقديره: إلّا كتب لهم ذلك من الإنفاق وقطع الوادي.
وقوله:{لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ} اللام من صلة {كُتِبَ} بمعنى: أثبت في صحائفهم لأجل الجزاء.
قوله عزَّ وَجَلَّ:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} اللام في {لِيَنْفِرُوا} لتأكيد النفي الذي معناه النهي لهم عن الخروج إلى الغزو جميعًا، أو إلى الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لطلب العلم على ما فسر (٥).
وهي في التقدير كأنها داخلة على المؤمنين، كأنه قيل: وما كان للمؤمنين أن ينفروا جميعًا، بشهادة قوله:{مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا}(٦).
(١) قاله صاحب الكشاف ٢/ ١٧٧. والوَدْيُ أو الوَدِيُّ: ما يخرج بعد البول. (٢) قال في الصحاح (سرا): والسَرِيُّ نهر صغير كالجدول، والجمع أَسْرية وسُريان. (٣) انظر قول الفراء أيضًا في إعراب النحاس ٢/ ٤٦. (٤) من الآية التي قبلها. (٥) الأول قول ابن عباس - رضي الله عنهما -. والثاني قول الحسن - رَحِمَهُ اللهُ -. انظر زاد المسير ٣/ ٥١٧. (٦) من الآية (١٢٠) المتقدمة.