دل عليه معنى اسم الله وهو المعبود، كأنه قيل: وهو المعبود فيهما، كقوله:{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ}(١).
و{يَعْلَمُ}: على هذا خبر بعد خبر، أو حال من المستكن في المعبود، أو كلام مستأنف، كأنه قيل: هو يعلم سركم وجهركم.
وأما على الوجه الأول: فيحتمل أن يكون مستأنفًا، وأن يكون خبرًا ثالثًا.
وعن أبي علي: أنه أَبَى أن يتعلق {فِي} باسم الله؛ لأنه صار بدخول الألف واللام والتغيير الذي دخله كالعَلَم، ولهذا قال جل ذكره:{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}(٢)، وقيل: إن {فِي} متعلقة بـ (يعلم) على أن الكلام قد تم عند قوله: {وَهُوَ اللَّهُ}، على معنى: يعلم سركم وجهركم فيهما، فهما ظرفان للعِلْمِ (٣).
وعن الشيخ أبي علي: أن محل قوله: {فِي السَّمَاوَاتِ} النصب على الحال من السر والجهر، والعامل فيه محذوف، قال: ولا يجوز أن يتعلق بالسر نفسه؛ لأنه يصير من صلته، فلا يجوز تقدمه عليه، قال: ولا يكون هو ضمير القصة والشأن، كقوله:{فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا}(٤)؛ لأنك حينئذ تفصل بين المبتدأ الذي هو اسم الله، وبين خبره الذي هو {يَعْلَمُ سِرَّكُمْ} بشيء ليس يتعلق بالمبتدأ ولا الخبر، إنما هو متعلق بمفعول الخبر، فيصير فصلًا بأجنبي.
قلت: ويجوز أن يكون {وَهُوَ} ضمير الشأن، ويكون خبر اسم الله جل
(١) سورة الزخرف، الآية: ٨٤. وانظر هذه الأوجه في معاني الزجاج ٢/ ٢٢٨. (٢) سورة مريم، الآية: ٦٥. وانظر قول أبي علي في التبيان ١/ ٤٨٠. (٣) هذا المعنى للنحاس ١/ ٥٣٦. وانظر التبيان ١/ ٤٨٠. (٤) سورة الأنبياء، الآية: ٩٧.