- فِي حَدِيثِ أَبِي واقدٍ اللَّيثِيِّ (١) بَيَانُ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ هِيَ مِنْ أَفْعَالِ المُشْرِكِينَ:
١ - أَنَّهُم كَانُوا يُعَظِّمُونَ تِلْكَ الشَّجَرَةَ.
٢ - أَنَّهُم كَانُوا يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا، وَالعُكُوفُ: هُوَ مُلَازَمَةُ الشَّيءِ.
٣ - أَنَّهُم كَانُوا يَنُوطُونَ بِهَا الأَسْلِحَةَ رَجَاءَ حُلُولِ البَرَكَةِ فِي السِّلَاحِ حَتَّى يَكُونَ أَمْضَى، وَحَتَّى يَكُونَ خَيرُهُ لِحَامِلِهِ أَكْثَرَ (٢).
- قَولُهُم: (اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ) إِنَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَتَبَرَّكُوا بِهَذِهِ الشَّجَرَةِ لَا أَنْ يَعْبُدُوها -وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُم تَرَكُوا عِبَادَةَ غَيرِ اللهِ وَأَسْلَمُوا-؛ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ التَّبَرُّكَ بِمِثْلِ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ، وَأَنَّهُ كُفْرٌ، وَتَأَمَّلْ قَولَهُ: (وَنَحْنُ حُدَثَاءُ عَهْدٍ بِكُفْرٍ).
- قَولُهُ: ((اللهُ أَكْبَرُ)) (٣) فِيهِ بَيَانُ أَنَّ مَا سَبَقَ مِنَ الكَلَامِ فِيهِ تَنَقُّصٌ للهِ تَعَالَى، وَهُوَ جَعْلُ نِدٍّ مَعَهُ.
- قَولُهُ: ((كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى)) فِيهِ تَشْبِيهُ القَولِ بِالقَولِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ شِرْكٌ.
- قَولُهُ تَعَالَى: ﴿قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ فِيهِ بَيَانُ أَنَّ الجَهْلَ سَبَبٌ لِلشِّرْكِ،
(١) هُوَ الحَارِثُ بْنُ عَوفٍ؛ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ، أَسْلَمَ قَبْلَ الفَتْحِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ مُسْلِمَةِ الفَتْحِ، (ت ٦٨ هـ).(٢) وَفِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ الكَبِيرِ (٣/ ٢٤٤) بِلَفْظٍ آخَرَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ -وَنَحْنُ حَدِيثُو عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ- وَقَدْ كَانَتْ لِكُفَّارِ قُرَيشٍ وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنَ العَرَبِ شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ يُقَالُ لَهَا: ذَاتَ أَنْوَاطٍ، يَأْتُونَهَا كُلَّ عَامٍ، فَيُعَلِّقُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُمْ، وَيُرِيحُونَ تَحْتَهَا، وَيَعْكُفُونَ عَلَيهَا يَومًا، فَرَأَينَا وَنَحْنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ سِدْرَةً خَضْرَاءَ عَظِيمَةً، فَتَنَادَينَا مِنْ جَنَبَاتِ الطَّرِيقِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ، فَقَالَ: ((اللَّهُ أَكْبَرُ، قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ كَمَا قَالَ قَومُ مُوسَى: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾ [الأَعْرَاف: ١٣٨]، لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ)).(٣) وَهُوَ لَفْظُ أَحْمَدَ (٢١٩٠٠) فِي المُسْنَدِ، وَفِي لَفْظِ التِّرْمِذِيِّ (٢١٨٠): ((سُبْحَانَ اللهُ)).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute