أُمَّتِهِ ﷺ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَا يَرْضَى عَنْهُ بَلْ يُبَاعِدُهُ عَنْ نَفْسِهِ، كَمَا فِي حَدِيثِ ذَودِ بَعْضِ مَن يَرِدُ عَلَى الحَوضِ الشَّرِيفِ ((فَأَقُولُ: إِنَّهُمْ مِنِّي! فَيُقَالُ: إِنَّكَ لا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِي))، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سُحْقًا: بُعْدًا (١).
٣ - إِنَّ الرِّضا المقصُودَ في الآيةِ مَعناهُ أنْ تَدْخُلَ أُمَّتُهُ كُلُّهَا الجنَّةَ وَلا يُخَلَّدَ أَحدٌ مِنْ أُمَّتِهِ ﷺ فِي النَّارِ؛ وَلَيسَ عَدَمَ الدُّخُولِ أصَلْاً! فَقَدْ دَلَّتْ أَحاديثُ الشَّفاعَةِ عَلى دُخُولِ طَوائِفَ مِنْهُم بِذُنُوبهم.
قَالَ الإِمَامُ القُرْطُبِيُّ ﵀: "قَالَ بَعْضُهُم: أَرْجَى آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﷿: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَا يَرْضَى بِبَقَاءِ أَحَدٍ مِنْ أُمَّتِهِ فِي النَّارِ" (٢).
"وَأَخْرَجَ البَيهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإِيمَانِ مِن طَرِيقِ سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ فِي قَوْله: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ قَالَ: رِضَاهُ أَنْ تَدْخُلَ أُمَّتُهُ الجنَّةَ كُلُّهُم.
وَأَخْرَجَ الخَطِيبُ فِي (تَلْخِيصِ المُتَشَابِهِ) مِن وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ فِي قَوْله: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ قَالَ: لَا يَرْضَى مُحَمَّدٌ وَأَحَدٌ مِن أُمَّتِهِ فِي النَّارِ" (٣).
(١) البُخَارِيُّ (٦٥٨٤)، وَمُسْلِمٌ (٢٦) مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا.(٢) تَفْسِيرُ القُرْطُبِي (١٢/ ٢٠٩).(٣) الدُّرُّ المَنْثُورُ (٨/ ٥٤٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute