مُسْتَكْبِرٌ)) (١) فَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ اشْتَرَكُوا فِي هَذَا الوَعِيدِ، وَاشْتَرَكُوا فِي فِعْلِ هَذِهِ الذُّنُوبِ مَعَ ضَعْفِ دَوَاعِيهِمْ! فَإِنَّ دَاعِيَةَ الزِّنَا فِي الشَّيخِ ضَعِيفَةٌ، وَكَذَلِكَ دَاعِيَةُ الكَذِبِ فِي المَلِكِ ضَعِيفَةٌ -لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ-، وَكَذَلِكَ دَاعِيَةُ الكِبْرِ فِي الفَقِيرِ؛ فَإِذَا أَتَوْا بِهَذِهِ الذُّنُوبِ -مَعَ ضَعْفِ الدَّاعِي- دَلَّ عَلَى أَنَّ فِي نُفُوسِهِمْ مِنَ الشَّرِّ الَّذِي يَسْتَحِقُّونَ بِهِ مَنَ الوَعِيدِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ غَيرُهُمْ" (٢).
- قَولُهُ: ((جَعَلَ اللهَ بِضَاعَتَهُ)) وَذَلِكَ لِمُلَازَمَتِهِ لَهُ وَغَلَبَتِهِ عَلَيهِ؛ فَهُوَ يُكْثِرُ مِنَ الحَلِفِ تَهَاونًا.
- قَولُهُ: ((خَيرُ النَّاسِ قَرْنِي)) يَدُلُّ عَلَى تَفْضِيلِهِم مُقَارَنَةً مَعَ كُلِّ الأَزْمِنَةِ، فَصَحَابَتُهُ ﷺ أَفْضَلُ مِنَ الحَوَارِيِّينَ الَّذِينَ هُمْ أَنْصَارُ عِيسَى ﷺ، وَأَفْضَلُ مِنَ النُّقَبَاءِ السَّبْعِينَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ مُوسَى ﷺ لِمِيقَاتِ رَبِّهِ (٣) (٤).
- قَولُهُ: ((قَرْنِي)) القَرْنُ مُعْتَبَرٌ بِمُعْظَمِ النَّاسِ، فَإِذَا كَانَ مُعْظَمُ النَّاسِ الصَّحَابَةُ؛
(١) صَحِيحُ مُسْلِمٍ (١٠٧) مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ ﵁ مَرْفُوعًا.(٢) مَجْمُوعُ الفَتَاوَى (١٨/ ١٤).(٣) كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا﴾ [الأَعْرَاف: ١٥٥].(٤) قَالَ البُخَارِيُّ ﵀ فِي صَحِيحِهِ (٣٦٤٩): بَاب فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، وَمَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ ﷺ أَو رَآهُ مِنَ المُسْلِمِينَ فَهُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ.حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ؛ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيَقُولُونَ: فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ رَسُولَ اللهِ ﷺ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ. ثُمَّ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ؛ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ. ثُمَّ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ؛ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ مَنْ صَاحَبَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ)).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute