قَالَ أبو سليمان: فلو كَانَت اليَدُ العُلْيا المُعْطِية لكان حَكِيمٌ قد تَوهَّم أَنَّ يدًا خير من يدِ رَسُول الله لقوله: ومِنْك يا رَسُولَ الله يُرِيد أن التَّعَفَّفَ من مَسْأَلَتِك كَهُو عَنْ مَسْألة غيرك فَقَالَ: "نَعَم" فكان بعد ذَلِكَ لا يَقْبَل العَطاءَ. وكان عُمَر يَقُولُ اللهم اشهد أني عرضت عَلَيْهِ عَطاءَه فأبَى ولم يقبَلْه.
وأنشدني أبو عُمَر قَالَ أَنشدَنا أبو العباس ثَعْلب عن ابن الأَعرابيّ:
إذَا كَانَ بَابُ الذُلِّ من جانِب الغِنَى ... سمَوْتُ إلى العَلْياءِ من جَانِب الفَقْر ٢
صَبَرْتُ وكان الصَّبْرُ مِنّي سَجيّةً ... وحَسْبُكَ أَنَّ الله أثنَى عَلَى الصَّبْرِ
يُريدُ التعفّف عَنِ المسألة. يُقال: عَلِي يَعْلَى عَلاءً في المَكَارم وعَلا يَعْلُو عُلُوًّا في الجَبَل ونَحوِه. قَالَ الشّاعر:
ورُوِي فيه وَجْهٌ ثالث عَنِ الحَسَن قَالَ: اليَدُ العُليَا المعطية واليد السفلى المانعة.
١ أخرجه عبد الرزاق في مصنفه في ١١/ ١٠٢. ٢ هامش م: "العلياء: العفة". ٣ الأساس واللسان "خشر" بهذه الرواية وعزي للحطيئة يقول: اشتريت لقومك الشرف بأموالك. قال ابن بري: بكسر الكاف وهو اسم ابن لعيينة بن حصن قتله بنو عامر فغزاهم عيينة فأدرك بثأره وغنم فقال الحطيئة: فدى لابن حصن ما أريح فإنه ... ثمال اليتامى عصمة للمهالك وبَاعَ بنيْهِ بَعضُهم بخُشَارَةٍ ... وبِعْتَ لذبيان العلاء بن مالك والبيتان في شرح الديوان /٣٠ ضمن ستة أبيات.