وأخبرني بعضُ أصحابنا عَنْ إبراهيم بن مُحَمَّد بن عرفة النحوي في قوله:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} ١ معناه نساءك طهرهن. ويقال: نفسك طهرها لأن الثياب يكني بها عَنِ النفس أنشدني بعضهم أنشدنا ابن الأنباري:
رَموْها بأثوابٍ خِفَافٍ فَلنْ تَرَى ... لها شَبَهًا إلا النعام المنفرا ٢
يريد بأنفس خفاف وقال آخر:
ألا أبلغ حفص رسولا ... فدى لك من أخي ثقة إزاري ٣
أي نفسي ويقال: بل أراد فدى لك أهلي وكلاهما وجه ٤. ومِنْ هَذَا قَوْلُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ حِينَ قال رسول الله لِلأَنْصَارِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ:"أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ" فَأَخَذَ الْبَرَاءُ بنْ مَعْرُورٍ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ والذي بعثك بالحق لنمنعنك مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أَزْرَنَا ٥ أَيْ أَنْفُسُنَا وَنِسَاءُنَا.
والحلة: ثوبان إزار ورداء ولا تسمى حلة حتى تكون جديدة تحل عَنْ طيها.
١ سورة المدثر:"٤". ٢ اللسان والتاج "ثوب" وعزي لمرئ القيس ولم أقف عليه في ديوانه: المعارف. وسبق في الجزء الأول لوزحة "٧٨, ٢٣٤". ٣ اللسان والتاج "أزر" والبيت لنفيلة الأكبر الأشجعي وكنيته أبو المنهال وهو ضمن ستة أبيات وللشعر قصة في اللسان. ٤ في اللسان "أزر" قال أبو عمرو الجرمي: يريد بالإزر ههنا المرأة. ٥ أخرجه البيهقي في حديث طويل في دلائل النبوة "٢/ ١٨٥" وابن هشام في سيرته "٢/ ٦٣" وذكره ابن كثير في السيرة النبوية "٢/ ١٩٧".