قَالَتْ: أرَى سَوَاداً مُجْتَمِعاً. قَالَ: تِلْكَ لِمُقْبِلٍ (١). قَالَتْ: وَأرَى رَجُلاً يَسْعَى بَيْنَ ذلِكَ السَّواد مُقْبِلاً وَمُدْبِراً. قَالَ: ذلِكَ يَا بُنَيَّةُ الْوَازِعُ (٢)، يَعْنِي الّذِي يَأْمُرُ الْخَيْلَ وَيتَقَدَّمُ إلَيْهَا. ثُمّ قَالَتْ: قَدْ وَالله انْتَشَرَ السَّوادُ، فَقَالَ: قَدْ وَاللهِ دَفَعَتِ الْخَيْلُ، فَأَسْرِعَي بِي إلَى بَيْتِي. فَانْحَطَّت بِهِ قَتَلقَّاهُ الْخَيْلُ قَبْلَ أنْ يَصِلَ إِلَى بَيْتِهِ، وَفِي عُنُقِ الْجَارِيَةِ طَوْقٌ لَهَا مِنْ وَرِقٍ، فَتَلَقَّاهَا رَجُلٌ فَاقْتَطَعَهُ مِنْ عُنُقِهَا. قَالَتْ: فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، أتَاهُ أبُو بَكْرِ -رَضِيَ الله عَنْهُ- بِأبِيهِ يَقُودُة، فَلَمَّا رآهُ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "هَلَاّ تَرَكْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ حَتى أكونَ أنَا آتِيَهُ؟ ". قَالَ أبُو بَكْرٍ: يَا رسول الله، هُوَ أحَقُّ أنْ يَمْشِي إلَيْكَ مِنْ أنْ تَمْشِيَ إلَيْهِ. فَأجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثمَّ مَسَحَ صَدْرَهُ، ثُم قَالَ لَهُ: "أسْلِمْ" فَأسْلَمَ. قَالَتْ: وَدَخَلَ بِهِ أبُو بَكْرٍ - رضِيَ الله عَنْهُ- عَلَى رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وَكَأن رَأسَهُ ثَغَامَةٌ (٣)، فَقَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "غَيِّرُوا هذَا مِنْ شَعْرِهِ". ثُم قَامَ أبُو بَكْرٍ وَأخَذَ بِيَدِ اخْتِهِ فَقَالَ: أنْشُدُ اللهَ وَالإسْلَامَ طَوْقَ أُخْتِي (٤)،
(١) في الإحسان، وعند أحمد، والطبراني "تلك الخيل".(٢) في (س): "الوزاع". ويقال: وَزَعَه، يزَعُهُ، وَزْعاً، فهو وَازِغٌ، إذا كَفَّه ومنعه.(٣) ثَغَامة -بفتح الثاء المثلثة، والغين المعجمة-: نبت أبيض الزهر والثمر، يشبه به الشيب، تنبت في قُنَّةِ الجبل، إذا يبست اشتد بياضها. والجمع: ثَغَام.(٤) المعنى: أسألكم بالله، وبالإسلام أن تردوا طوق أختي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute