للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذا بين العلماء والعوام؛ فقد فَضَّلَ اللهُ العالمَ على العامي في التقدير والمنزلة.

وكذا بين الأتقياء والفُسَّاق؛ فإنَّ المؤمن التقي مقدَّم على الفاسق في الاحترام، وقبول الشهادة، والنكاح والتقديم في الإمامة في الصلاة إلى غير ذلك مما قدَّمه الله ورسوله فيه.

وإنْ أريد بالمساواة في الإسلام: العدلُ بين الأولاد في العطية -ما سوى ما تقدم ذِكْرُه مِن النفقات المشروعة لكل واحد عند احتياجه إليها- وكذا المساواة بين الأبيض والأسود، والعربي والأعجمي، والمرأة والرجل؛ في الحقوق التي أوجب اللهُ المساواةَ فيها؛ وأنَّ التفضيلَ إنما يكون بالتقوى؛ فهذا صحيح.

ويجب العدلُ في عطية الأولاد بقدر إرثهم: للذكر مثل حظِّ الأنثيين -على قسمة الله تعالى-؛ فإنها العدلُ -ولو كان بعضُهم أحبَّ إليه مِن بعض- (١).

والدليلُ قوله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ١١]، وإنْ كانت الآية في المواريث؛ فهي عامة في الحياة كذلك، ومِن السُّنَّةِ ما أخرجه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير، قال: (أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً، فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى


(١) وفي مصنف عبد الرزاق (١٧٧٠٨) عن عطاء، قال: (لَا نَجِدُهُمْ كَانُوا يَقْسِمُونَ إِلَّا عَلَى كِتَابِ اللهِ)، وإسناده صحيح إلى عطاء، كما في التحجيل (ص ٢٦٤).

<<  <   >  >>