للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال تعالى: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٣] " (١).

٤ - وأمَّا البقاءُ؛ فلأنَّها شريعةٌ أصيلةٌ حافظتْ على أصولها وفروعها، قد خاطبتِ العقلَ والفطرةَ، وراعتْ حاجاتَ الأبدان والأرواح معًا، تماشتْ مع الحضارات المختلفة لِتُقِرَّ خيرَها وتُقَوِّمَ شَرَّها وخطأَها، فهي شريعةٌ لا يَدخلها نقصٌ ولا يَلزمها زيادةٌ، قد حَوَتْ في داخلها ما يلزم لاستمرارها وشمولها؛ كيف لا وهي شريعةُ اللهِ العليم الحكيم؟!

وإنَّ بقاءَها إنما هو فرعٌ عن شموليتها وعالميتها.

ومِن جهة أخرى؛ فإنَّ اللهَ تعالى هو الذي يَحفظ بقاءَها، قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩]، وهذا الحفظُ مستمرٌ باقٍ إلى أنْ يشاء سبحانه رفْعَها، كما في الحديث الشريف عن عائشة مرفوعًا «لَا يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهْارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللَّاتُ وَالعُزَّى». فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنْ كُنْتُ لَأَظنُّ حِيْنَ أَنْزَلَ اللهُ ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِيْنِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّيْنِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣٣] أَنَّ ذَلِكَ تَامًّا! قَالَ: «إنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ رِيْحًا طَيِّبَةً فَتَوَفَّى كُلَّ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إيْمَانٍ؛ فَيَبْقَى مَنْ لَا خَيْرَ فيهِ؛ فَيَرْجِعُونَ إِلَى دِيْنِ آبَائِهِم» (٢).


(١) كتاب الخمسين من محاسن الدين للشيخ مسند القحطاني (ص ٢٠).
(٢) مسلم (٢٩٠٧).

<<  <   >  >>