وقد نُطق بأصلها، فجاء عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال:"توافون يوم القيامة سبعين أمّةً، أنتم أخيرهم"(١)، ثم أفعل إن قُرنت بـ "من" كانت نكرةً، ويستوي فيها المذكّر والمؤنّث، والواحد، والاثنان، والجمع، وإن لم تُقرن بها، لزم تعريفها بالإضافة، أو بالألف واللام، فإذا عُرّف بالألف واللام أُنّث، وثُنّي، وجُمع، وإن أُضيف ساغ فيه الأمران، كما قال تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا}[الأنعام: ١٢٣]، وقال:{وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ}[البقرة: ٩٦].
وأما إذا لم يكونا للمفاضلة فهما من جملة الأسماء، كما قال تعالى:{إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ}[البقرة: ١٨٠]، وقال:{وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}[النساء: ١٩].
وإلى قاعدة أفعل التفضيل المذكورة أشار ابن مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "الخلاصة" حيث قال:
و"خير" في هذا الحديث للمفاضلة، غير أنها مضافة لنكرة موصوفة، ومعناها: أن يوم الجمعة أفضل من كل يوم طلعت فيه الشمس (٢).
(طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ) جملة في محلّ جرّ صفة لـ "يوم"، جيء بها للتنصيص على التعميم، كما في قوله تعالى:{وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ}[الأنعام: ٣٨]، فإن الشيء إذا وُصف بصفة تعمّ جنسه يكون تنصيصًا على اعتبار استغراقه أفرادَ الجنس (٣).