قال في "القاموس": وانتابهم انتيابًا: أتاهم مرّةً بعد أُخرى. انتهى (١). وقال في "المصباح": وناوبته مناوبةً: بمعنى ساهمته مساهمةً، والنَّوْبةُ اسمٌ منه، والجمعُ نُوَبٌ، مثلُ قَرْيةٍ وقُرَى. انتهى (٢). وفي رواية:"يتناوبون"(مِنْ مَنَازِلهِمْ مِنَ الْعَوَالِي) بدل مما قبله، وفي بعض النسخ:"ومن العوالي" بالعطف، وهو: جمع العالية، وهي مواضع وقُرى بقرب المدينة، من جهة المشرق، من ميلين إلى ثمانية أميال، وقيل: أدناها من أربعة أميال (٣). (فَيَأْتُونَ فِي الْعَبَاءِ) بفتح المهملة والمد: جمِع عباءة، وعباية، لغتان مشهورتان، وهو كساءٌ غليظٌ (٤). (وَيُصِيبُهُم الْغُبَارُ، فَتَخْرُجُ مِنْهُمُ الرِّيحُ) وفي الرواية التالية: "كان الناس أهل عمل، ولم يكن لهم كُفاةٌ، فكانوا يكون لهم تَفَلٌ"(فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِنْسَانٌ مِنْهُمْ) قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لم أقف على اسمه، وللإسماعيليّ:"ناس منهم "(وَهُوَ عِنْدِي) جملة في محلّ نصب على الحال؛ أي: والحال أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- جالس في بيتي (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا") وفي الرواية التالية: "فقيل لهم: لو اغتسلتم يوم الجمعة"، و"لو" هنا للتمني، فلا تَحتاج إلى جواب، أو هي للشرط، والجوابُ محذوف، تقديره: لكان حسنًا، وقد وقع في حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- عند أبي داود أن هذا كان مبدأ الأمر بالغسل للجمعة، ولأبي عوانة من حديث ابن عمر نحوه، وصَرَّح في آخره بأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال حينئذ:"من جاء منكم الجمعة فليغتسل".
قال في "الفتح": استدَلّت به عمرة -يعني: بنت عبد الرحمن- (٥) على أن غسل الجمعة شُرع للتنظيف لأجل الصلاة، فعلى هذا فمعنى قوله:"ليومكم هذا" أي: في يومكم هذا. انتهى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
(١) "القاموس المحيط" ١/ ١٣٥. (٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦٢٩. (٣) "عمدة القاري" ٦/ ٢٨٥. (٤) "المفهم" ٢/ ٤٨٢. (٥) هو الحديث الآتي للمصنّف بعد هذا، ولفظ البخاريّ في "صحيحه" عن يحيى بن سعيد الأنصاريّ، أنه سأل عمرة عن الغسل يوم الجمعة؟ فقالت: قالت عائشة -رضي اللَّه عنها-: كان الناس مَهَنَة أنفسهم، وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم، فقيل لهم: لو اغتسلتم. انتهى.