و"الصُّفَّةُ" بضمّ الصاد المهملة، وتشديد الفاء: مكان مُظَلَّلٌ في مؤخّر المسجد النبويّ، أُعدّ لنزول الغرباء فيه، قال ابن الأثير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أهل الصفّة: هو فقراء المهاجرين ممن لم يكن له منزلٌ يسكنه، فكانوا يأوون إلى موضع مُظَلَّل في مسجد المدينة، يسكنونه (١).
قال الفيّوميُّ: الصُّفّة من البيت: جمعها صُفَفٌ، مثلُ غُرْفة وغُرَف. انتهى (٢).
وقال في "القاموس": صُفّةُ الدار والسَّرْج معروف، جمعه كصُرَد، قال: وأهل الصفّة كانوا أضياف الإسلام، كانوا يبيتون في مسجده -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهي موضعٌ مُظَلَّلٌ من المسجد. انتهى (٣).
وقال ابن حجر الهيتميُّ: كانت الصّفَّةُ في مؤخّر المسجد معدّة لفقراء الصحابة غير المتأهّلين، وكانوا يكثرون تارةً حتى يبلغوا نحو المائتين، ويَقِلّون تارةً لإرسالهم في الجهاد وتعليم القرآن.
وقال الجزريُّ: وكانوا سبعين، ويقلّون أحيانًا ويكثرون، وقال السيوطيُّ: عدّهم أبو نُعيم في "الحلية" أكثر من مائة. انتهى (٤).
(فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ) أي يذهب في الْغُدْوة، وهي أول النهار، يقال: غدا غُدُوًّا، من باب قَعَدَ: ذهب غُدْوةً، وهي ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس، وجمع الغُدْوة غُدًى، مثلُ مُدْيَة ومُدًى، هذا أصله، ثم كثُر، حتى استُعمِل في الذهاب والانطلاق أَيَّ وقت كان (٥)، ومنه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "واغْدُ يا أُنيس على امرأة هذا. . . " الحديث، متّفقٌ عليه (٦). (كُلَّ يَوْمٍ) منصوب
(١) "النهاية" ٣/ ٣٧. (٢) "المصباح المنير" ١/ ٣٤٣. (٣) "القاموس المحيط" ٣/ ١٦٣. (٤) راجع: "المرعاة" ٧/ ١٧١. (٥) "المصباح المنير" ٢/ ٤٤٣. (٦) هو ما أخرجه الشيخان في "صحيحيهما" عن أبي هريرة وزيد بن خالد قالا: كنا عند النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقام رجل، فقال: أنشدك اللَّه إلا قضيت بيننا بكتاب اللَّه، فقام خصمه، وكان أفقه منه، فقال: اقض بيننا بكتاب اللَّه، وأذن لي، قال: "قل"، =