(إِنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ) -بسكون الزاي- ضدُّ الرخصة؛ أي: واجبة متحتّمةٌ، فلو قال المؤذّن:"حيّ على الصلاة"، لكُلِّفتم المجيءَ إليها، ولَحِقتكم المشقّة (وَإِنِّي كَرِهْتُ) بكسر الراء، يقال: كَرِهتُ الشيءَ أَكْرَهُهُ من باب تَعِبَ، كَرْهًا، بضمّ الكاف، وفتحها: ضدّ أحببته، فهو مكروهٌ (١). (أَنْ أُحْرِجَكُمْ) أي: أشُقّ، وأضيّق عليكم، وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هو بالحاء المهملة، من الْحَرَج، وهو المشقّة، هكذا ضبطناه، وكذا نقله القاضي عياض عن رواياتهم. انتهى (٢).
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الرواية فيه بالحاء المهملة، وهو من الحرج والمشقّة، ومنه:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج: ٧٨]. انتهى (٣).
وقال في "الفتح": وفي رواية الحجبيّ، من طريق عاصم:"إني أُؤَثِّمُكُم"، وهي تُرَجِّح رواية من روى "أُحْرِجكم" بالحاء المهملة، وفي رواية جرير، عن عاصم، عند ابن خزيمة:"أن أخرج الناس، وأُكَلِّفهم أن يَحْمِلوا الخبث من طُرُقهم إلى مسجدكم". انتهى.
وقال في "العمدة": قوله: "أن أُحرجكم"؛ أي: كرهت أن أشُقّ عليكم بإلزامكم السعي إلى الجمعة في الطين والمطر، ويُرْوَى:"أن أخرجكم" بالخاء المعجمة، من الإخراج، ويُرْوَى:"كَرِهْتُ أن أُؤَثّمَكُم" أي: أكون سببًا لاكتسابكم الإثم عند ضِيقِ صدوركم. انتهى بتصرّف (٤).
(فَتَمْشُوا) معطوف على "أُخرج" منصوب بحذف النون (فِي الطِّينِ وَالدَّحْضِ) -بفتح الدال المهملة، وسكون الحاء المهملة، وتُفْتح، آخره ضادٌ معجمة- قال في "القاموس": مكانٌ دَحْضٌ، ويُحرَّكُ، ودَحُوضٌ: زَلِقٌ، جمعه دِحَاضٌ -بالكسر- والْمَدْحَضَةُ: الْمَزَلّةُ. انتهى (٥).
وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "في الطين والدَّحْض" بإسكان الحاء المهملة، وبعدها ضاد معجمة، وفي الرواية الأخيرة: الدَّحْض والزلل، هكذا هو باللامين، والدَّحْض والزلل والزَّلَق والرَّدْغ -بفتح الراء، وإسكان الدال