أي بَعُد العقيقُ وأهله، وتارةً تقدّر بِبُعْدٍ الذي هو المصدر، كما في قوله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (٣٦)} [المؤمنون: ٣٦] أي بُعْدًا بُعْدًا للذي توعدونه، وهي حكاية عن قول الكفّار. انتهى (١).
(لَا مَاءَ لَكُمْ) أي ليس لكم ماءٌ حاضرٌ، ولا قريبٌ.
(قُلْنَا: فَكَمْ بَيْنَ أَهْلِكِ وَبَيْنَ الْمَاءِ؟) هذا يدلّ على أن المرأة كانت قريبةً من منازل أهلها وقت ذاك (قَالَتْ: مَسِيرَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ) برفع "مسيرةُ" على الابتداء، وخبره محذوف بدلالة السؤال عليه، أي كائن بينهما مسيرة يوم وليلة، أي مقدار سير يوم وليلة، وفي رواية البخاريّ:"قالت: عهدي بالماء أمس هذه الساعة، ونَفَرُنا خُلُوفٌ".
وقولها:"أمسِ" خبر لمبتدأ، وهو مبنيّ على الكسر، و"هذه الساعةَ" بالنصب على الظرفية، وقال ابن مالك: أصله: في مثل هذه الساعة، فحُذف المضاف، وأُقيم المضاف إليه مُقامه، أي بعد حذف "في".
وقولها:"ونَفَرُنا خُلُوفٌ" قال ابن سِيدَهْ: النفر ما دون العشرة، وقيل: النفر الناس، وهو اللائق هنا؛ لأنها أرادت أن رجالها تخلَّفوا لطلب الماء، والْخُلُوف بضم الخاء المعجمة واللام: جمع خالف، قال ابن فارس: الخالف المستقي، ويقال أيضًا لمن غاب، ولعله المراد هنا، أي إن رجالها غابوا عن الحيّ، ويكون قولها:"ونفرُنا خُلُوفٌ" جملة مستقلةً زائدةً على جواب السؤال، وفي رواية:"ونفرنا خلوفًا" بالنصب، على الحال السادّة مسد الخبر، أفاده في "الفتح"(٢).
(قُلْنَا: انْطَلِقِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) وفي رواية البخاريّ: "قالا لها: انطلقي إذًا، قالت: إلى أين؟ قا لا: إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-"(قَالَتْ: وَمَا رَسُولُ اللَّهِ؟) وفي رواية البخاريّ: "قالت: الذي يقال له الصابئ؟ قال: هو الذي تعنين، فانطلقي"، وقولها:"الصابي" بلا همز، أي المائل، ويروى بالهمز من صبأ يصبا: أي خرج من دين إلى دين، وقولهم:"هو الذي تعنين" فيه أدبٌ حسنٌ، ولو قالا لها: لا، لفات المقصود، أو نعم، لم يحسن بهما؛ إذ فيه تقرير