للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

استجمر بالأحجار، وهذا الذي زعمه هذا القائل غلطٌ ظاهرٌ، والصواب ما سبق. انتهى (١).

(قَالَ) أبو قتادة (وَبَقِيَ فِيهَا) أي في تلك المِيضأة (شَيْءٌ) أي قليل (مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (لِأَبِي قَتَادَةَ) فيه التفاتة؛ إذ الظاهر أن يقول: ثم قال لي ("احْفَظْ عَلَيْنَا مِيضَأَتَكَ، فَسَيَكُونُ لَهَا نَبَأٌ") -بفتحتين- أي شأنٌ عظيم يُخبر به في المستقبل، من حصول البركة للناس، وحدوث المعجزة له -صلى اللَّه عليه وسلم-.

[فائدة مهمّة]: قال الراغب الأصفهانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "النبأُ": خبرٌ ذو فائدة عظيمة، يَحْصلُ به علم، أغلبه ظنّ، ولا يقال للخبر في الأصل: نبأ حتى يتضمن هذه الأشياء الثلاثة، وحقُّ الخبر الذي يقال فيه: نبأ أن يَتَعَرَّى عن الكذب، كالتواتر، وخبر اللَّه تعالى، وخبر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولتضمن النبأ معنى الخبر، يقال: أنبأته بكذا، كقولك أخبرته بكذا، ولتضمنه معنى العلم، قيل: أنبأته كذا، كقولك: أعلمته كذا، قال اللَّه تعالى: {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨)} [ص: ٦٧ - ٦٨]، وقال: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (٢)} [النبأ: ١ - ٢]، وقال: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ} [التغابن: ٥]، وقال: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ} [هود: ٤٩]، وقال: {تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا} [الأعراف: ١٠١] وقال: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ} [هود: ١٠٠]، وقوله: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦]، فَتَبَيُّنُهُ أنه إذا كان الخبر شيئًا عظيمًا له قَدْرٌ، فحقه أن يُتَوَقَّف فيه، وإن عُلِمَ وغَلَب صحته على الظنّ، حتى يعاد النظر فيه، ويُتَبَيَّن فَضْلَ تبينٍ، يقال: نَبّأته، وأنبأته، قال تعالى: {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: ٣١]، وقال: {أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ} [البقرة: ٣٣]، وقال: {نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ} [يوسف: ٣٧]، {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (٥١)} [الحجر: ٥١]، وقال {أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ} [يونس: ١٨]، {قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ} [الرعد: ٣٣]، وقال: {نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الأنعام: ١٤٣]، {قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} [التوبة: ٩٤].


(١) "شرح النووي" ٥/ ١٨٥ - ١٨٦.