"القاموس": طَنّبه تطنيبًا: مدّه بأطنابه، وشدّه، قال: والطُّنُبُ بضمّتين: حبلٌ طويلٌ، يُشدُ به سُرَادق البيت، أو الوتِدُ، جمعه: أطنابٌ، وطِنبَةٌ. انتهى (١).
وقال في "المصباح": الطُّنُبُ بضمّتين، وسكونُ الثاني لغةٌ: الحبلُ تُشدّ به الخيمة ونحوها، والجمع أطناب، مثلُ عُنُق وأعناق، قال ابن السّرّاج في موضع من كتابه: ويُجمع على غير ذلك، وقال في موضع: قالوا: عُنُقٌ وأعناقٌ، وطُنُبٌ وأطناب فمن جَمَعَ الطُّنُبَ، فأفهم خلافًا في جواز الجمع، وأنه يُستعمل بلفظٍ واحدٍ للمفرد والجمع، وعليه قوله [من البسيط]:
فجمع بين اللغتين، فاستعمله مجموعًا ومُفردًا بنيّة الجمع. انتهى (٢).
والمعنى: أنه لا يُحبّ أن يكون بيته ملاصقًا ببيته -صلى اللَّه عليه وسلم-، بل يُحبّ أن يكون بعيدًا منه؛ ليكثر ثوابه بكثرة خطاه من بيته إلى المسجد، ولا يريد نفي حبّه قربه من بيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بغضًا له، وإنما رجاء زيادة الأجر بكثرة تلك الخطا، واللَّه تعالى أعلم.
(قَالَ) أُبيّ -رضي اللَّه عنه- (فَحَمَلْتُ بِهِ حِمْلًا) بكسر الحاء المهملة، أي ثِقَلًا؛ لبشاعة لفظه، وإيهامه سُوءًا، وهو بغضه للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال القاضي عياضٌ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه: أنه عَظُمَ عليّ، وثَقُل، واستعظمته؛ لبشاعة لفظه، وهَمَّني ذلك، وليس المراد به الحمل على الظهر. انتهى (٣).
وفي رواية أحمد، من طريق ابن عيينة، عن عاصم:"قال: فما سمعتُ عنه كلمةً أَكْرَهَ إِلَيَّ منها".
(حَتَّى أَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَخْبَرْتُهُ) أي بما قال الرجل (قَالَ) أُبيّ (فَدَعَاهُ) أي طلب النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك الرجل ليحضر عنده؛ ليتثبّت في صحّة ما نسبه إليه أُبيّ -رضي اللَّه عنه- من كلامه المذكور، ويستفسره عما أراده به (فَقَالَ) الرجل (لَهُ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (مِثْلَ ذَلِكَ) أي مثل ما قال لأبيّ، من قوله:"ما أُحبّ أن بيتي مطنّبٌ. . . إلخ"(وَذَكَرَ لَهُ) -صلى اللَّه عليه وسلم- موضِّحًا مراده به (أَنَّهُ يَرْجُو فِي أثَرِهِ) أي في ممشاه، و"الأثر"