المصلّي، وما يَقطع الصلاة؟ قال: يسترها التقوى، ويقطعها الفجور، قال: فذكرته لشُرَيح، فقال: أطيب لنفسك أن تجعل بين يديك شيئًا، أخرجهما وكيع، ورَوَى بإسناده عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- قال: من الجفاء أن يصلّي الرجل إلى غير سترة.
قال ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وحيث تُستحبّ الصلاة إلى السترة، فليس ذلك على الوجوب عند الأكثرين، وهو المشهور عند أصحاب الإمام أحمد.
ومنهم من قال: هي واجبة، لكن لا تبطل الصلاة بتركها حتى يوجد المرور المبطل للصلاة الذي لأجله شُرِعت السترة. انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي أن الحقّ قول من قال: بوجوب اتّخاذ السترة مطلقًا، سواء صلّى في البيت، أو في الفضاء هو الحقّ؛ لصحّة الأحاديث بذلك، قولًا وفعلًا.
أما فعلًا فقد أخرج الشيخان وغيرهما أحاديث فعل النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، كما هو مذكور في أحاديث هذا الباب.
وأما قولًا، فقد أخرج ابن خزيمة، وابن حبّان في "صحيحيهما" عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تُصلِّ إلا إلى سُترة، ولا تَدَع أحدًا يمرّ بين يديك، فإن أبى فقاتله، فإنما هو شيطان"(٢).
وأخرج الحاكم عن سبرة بن معبد الْجُهنيّ -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا:"ليستتر أحدكم في صلاته، ولو بسهم"، قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.
وأخرج أبو داود، وابن ماجه، عن أبي سعيد الخدريّ -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، ولْيَدْنُ منها، ولا يَدَعْ أحدًا يمر بين يديه، فإن جاء أحد يمرّ فليقاتله، فإنه شيطان"(٣).
فقد صحّ أمره -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو للوجوب عند جمهور الأصوليين، وصحّ أيضًا فعلًا في الحضر والسفر، فالحقّ أن اتّخاذ السترة واجب مطلقًا.
(١) "فتح الباري" لابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- ٤/ ٢٢. (٢) "صحيح ابن خزيمة" (٨٠٠)، و"صحيح ابن حبّان" (٢٣٦٢). (٣) حديث صحيح، أخرجه أبو داود (٦٩٧)، وابن ماجه (٩٥٤).