قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- من تصويبه كون الحديث على ظاهره وأن المراد منه أن عدد آنية حوضه -صلى اللَّه عليه وسلم- أكثر من عدد نجوم السماء حسنٌ جدًّا؛ لأنه ظاهر النصوص، ولا داعي لصرفها عن ظاهرها، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.
(فَيُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ) ببناء الفعل للمفعول: أي يُنتزَعُ، ويُقتَطَع من بينهم، قال في "المصباح": خَلَجتُ الشيءَ خَلْجًا، من قتل: انتزعته، واختلجتُهُ مثله، وخالجته: نازعته، واختلج العضو: اضطرب. انتهى (٢).
(فَأَقُولُ: رَبِّ) بحذف حرف النداء، وهو جائز، كما قال الحريريّ في "ملحته":
وفي رواية النسائيّ:"يا ربّ"، (إِنَّهُ) أي إن هذا الْمُختَلَج (مِنْ أُمَّتِي) أي فينبغي أن يشرب من حوضي، (فَيَقُولُ) أي اللَّه سبحانه وتعالى (مَا) نافية (تَدْرِي) أي لا تعلم (مَا أَحْدَثَتْ) أي أمتك، وفي نسخة:"ما أحدثوا"(بَعْدَكَ") أي بعد مفارقتك لهم بالموت، أي من المخالفات لسنّتك، والابتداع في دينك.
وهذا فيه وعيد شديد لمن يُخالف سنّة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويبتدع في دينه بأهوائه ما لم يأذن به اللَّه تعالى، حيث إنه يُطرد عن ورود حوضه -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي من شرب منه مرّةً لا يظمأ بعده أبدًا، وهذا هو الخسران المبين، فيا خسارة المبتدعين، ويا هلاك المتمرّدين المنحرفين بابتداع ما لم يأذن به اللَّه تعالى من الدين، {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨)} [آل عمران: ٨].
[تنبيه]: اختُلف في المراد بالذين يذادون عن حوض النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على أقوال: