وقد تقدّم غير مرّة (وَنَحْنُ لَا نَأْكُلُ ذَبَائِحَهُمْ) أي لأنهم ليسوا من أهل الكتاب الذين أحلّ الله ذبائحهم، بقوله:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} الآية [المائدة: ٥]، وفي رواية النسائيّ:"وإنهم أهل وَثَنٍ … ".
(وَيَأْتُونَا) بحذف نون الرفع؛ تخفيفًا، وفي نسخة:"ويأتوننا" بنونين، الأولى نون الرفع، والثانية نون "نا" ضمير المتكلّم (بِالسِّقَاءِ) بكسر السين، قال ابن الأثير رحمه الله: هو: ظرف الماء من الجلد، ويُجمع على أسقية، وقد تكرّر في الحديث مفردًا وجمعًا. انتهى (١).
وقال المجد رحمه الله: السِّقاءُ كَكِسَاءٍ: جِلْدُ السَّخْلة إذا أجذع، يكون للماء واللبن، جمعه: أَسْقِيةٌ، وأَسقياتٌ، وأَسَاقٍ. انتهى (٢).
(يَجْعَلُونَ فِيهِ الْوَدَكَ) قال النوويّ رحمه الله: هكذا هو في الأصول ببلادنا "يجعلون" بالعين بعد الجيم، وكذا نقله القاضي عياضٌ عن أكثر الرواة، قال: ورواه بعضهم "يَجمُلُون" بالميم، ومعناه يُذيبون، يقال: بفتح الياء، وضمّها لغتان، يقال: جَمَلتُ الشحمَ، وأجملته: أذبته. انتهى (٣).
و"الْوَدَكَ": بفتح الواو، والدال المهملة: دَسَمُ اللحم والشَّحْم، وهو ما يتحلّب من ذلك، يقال: وَدَّكتُ الشيءَ توديكًا، وكبشٌ وَدِيكٌ، ونَعْجةٌ وَدِيكةٌ: أي سَمِينٌ وسَمِينةٌ، ووَدَكُ الميتة: ما يَسِيل منها، قاله الفيّوميّ (٤).
(فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) - رضي الله عنهما - (قَدْ سَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ) أي حكم جلد الميتة (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("دِبَاغُهُ) بكسر الدال المهملة تقدّم أنه يكون للمصدر، ويكون اسمًا لما يُدبغ به، والأول هو المناسب هنا، وهو عبارة عن إزالة الرائحة الكريهة، والرطوبات النجسة باستعمال الأدوية، أو بغيرها، قال إبراهيم