لِعِدَّتِهِنَّ} الآية [الطلاق: ١]، ولَمّا طَلَّق ابن عمر - رضي الله عنهما - امرأته، وهي حائض، أمره النبيّ - صلى الله عليه وسلم - برجعتها، وإمساكها حتى تطهر، متفقٌ عليه.
(ومنها): أنه يمنع صحة الطهارة؛ لأن حدثها مقيم.
(ومنها): أنه يوجب الغسل عند انقطاعه؛ لقوله عليه السلام: "امكُثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي، وصلّي"، متفق عليه.
(ومنها): أنه عَلَمٌ على البلوغ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَقْبَل الله صلاة حائض إلا بخمار".
(ومنها): أنه لا تنقضي العدة في حقّ المطلقة وأشباهها إلا به؛ لقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} الآية [البقرة: ٢٢٨]، وأكثر هذه الأحكام مجمع عليها بين علماء الأمة، وإذا ثبت هذا فالحاجة داعية إلى معرفة الحيض لِيُعْلَم ما يتعلق به من الأحكام.
قال أحمد رحمه اللهُ: الحيض يدور على ثلاثة أحاديث: حديث فاطمة، وأم حبيبة، وحمنة رضي الله عنهنّ، وفي رواية: حديث أم سلمة مكان حديث أم حبيبة (١)، والله تعالى أعلم بالصواب.
[فائدتان]:
(الأولى): ذكر الجاحظ في "كتاب الحيوان" أن الذي يحيض من الحيوانات أربعة: الآدميات، والأرنب، والضبع، والخفّاش، وزاد غيره أربعة أخرى، وهي الناقة، والكلبة، والوزغة، والْحِجْرُ، أي الأنثى من الخيل، وجعلها بعضهم عشرةً، ونظمها، بقوله [من الكامل]:
الْحَيْضُ يَأْتِي للنِّسَاءِ وَتِسْعَةٍ … وَهِيَ النِّيَاقُ وَضَبْعُهَا وَالأَرْنَبُ
وَالْوَزْغُ وَالْخُفَّاشُ حِجْرٌ (٢) كَلْبَةٌ … وَالْعِرْسُ وَالْحَيَّاتُ مِنْهَا تُحْسَبُ
وَالْبَعْضُ زَادَ سُمَيْكَةً رَعَّاشَةً … فَاحْفَظْ فَفِي حِفْظِ النَّظَائِرِ يُرْغَبُ
وزاد بعضهم على ذلك بنات وردان، والقردة، وزاد المناويّ الحدأة.
(١) راجع لهذه الفوائد: "المغني" لابن قُدامة ١/ ٣١٣ - ٣١٩.
(٢) بكسر الحاء، وسكون الجيم وراء، ولا تلحقها التاء: الأنثى من الخيل. انتهى. "تحفة الحبيب" ١/ ٣٤٠.