(قَالَ) أنس - رضي الله عنه - (فَلَمَّا فَرَغَ) أي انتهى من بوله (دَعَا) أي طلب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، و"دعا" يتعدّى إلى اثنين بنفسه، ويتعدّى إلى الثاني أيضًا بالباء، يقال: دعوت الولدَ زيدًا، وبزيد (١)، ولذلك قال:(بِدَلْوٍ) بفتح، فسكون، يذكّر، ويؤنّث، وهو الأكثر، قال الفيّوميّ رحمه اللهُ: الدَّلْوُ تأنيثها أكثر، فيقال: هي الدلو، وفي التذكير يُصَغَّر على دُلَيّ، مثلُ فَلْسٍ وفُلَيس، وثلاثةُ أَدْلٍ، وفي التأنيث دُلَيّة بالهاء، وثلاثُ أَدْلٍ، وجمع الكثرة الدِّلاءُ، والدُّلِيُّ، والأصلُ فُعُولٌ، مثلُ فُلُوسٍ. انتهى (٢).
وقال في "اللسان": الدّلو: معروفةٌ، واحدة الدلاء التي يُستقى بها، تذكّر وتؤنّث، والتأنيث أكثر. انتهى باختصار (٣).
وقوله:(مِنْ مَاءٍ) متعلّقٌ بصفة لـ "دلو"، أي مملوء من ماء.
(فَصَبَّهُ) أي أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بسكب ذلك الماء، ففي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند البخاريّ:"دَعُوه، وهَرِيقوا على بوله سَجْلًا من ماء".
و"الصبّ": السكبُ، يقال: صَبَبتُ الماء، فانصبّ: أي سَكَبته، فانسكب، والماء ينصبّ من الجبل، أي ينحدر، قاله العينيّ (٤).
(عَلَيْهِ) أي على محلّ بوله، وفي رواية يحيى بن سعيد الآتية:"فلما فَرَغ أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذنوب، فصُبّ على بوله"، وفي رواية إسحاق بن أبي طلحة الثالثة:"فأمر رجلًا من القوم، فجاء بدلو من ماء، فشنّه عليه".
وزاد في رواية إسحاق بن أبي طلحة الآتية:"ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعاه، فقال له: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا الْقَذَر، إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة، وقراءة القرآن".
وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند البخاريّ:"وهَرِيقوا سَجْلًا من ماء، أو ذَنُوبًا من ماء، فإنما بُعثتم ميسّرين، ولم تُبعثوا معسّرين".
وقوله:"سَجْلًا" بفتح المهملة، وسكون الجيم، قال أبو حاتم السجستانيّ: هو الدلو مَلآى، ولا يقال لها ذلك، وهي فارغة، وقال ابن دُريد: السَّجْل دَلْوٌ واسعة، وفي "الصحاح": الدلو الضخمة.