جهاد العدوّ بالحرب، وارتباط الخيل، وإعدادها، فشُبِّهَ ما ذُكِر من الأعمال الصالحة به، قال الْقُتَبيّ: أصل المرابطة أن يربِط الفريقان خيولهما في ثَغْر، كلٌّ منهما مُعِدّ لصاحبه، فسُمّي الْمُقَام في الثُّغُور رِبَاطًا، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فذلكم الرباط"، أي أن المواظبة على الطهارة والصلاة كالجهاد في سبيل الله، فيكون الرباط مصدر رابطتُ، أي لازمتُ، وقيل: هو ها هنا اسم لِمَا يُربَط به الشيء، أي يُشدّ، يعني أن هذه الخلال تَرْبِط صاحبها عن المعاصي، وتكفّه عن المحارم. انتهى (١)، وسيأتي تمام البحث في هذا في المسألة الرابعة - إن شاء الله تعالى - والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف رحمهُ اللهُ.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا في "الطهارة"[١٤/ ٥٩٣ و ٥٩٤](٢٥١)، و (الترمذيّ) في "الطهارة"(٥١ و ٥٢)، و (النسائيّ) في "الطهارة"(١٤٣)، و (مالك) في "الموطّأ"(١/ ١٧٦)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٢٣٥ و ٢٧٧ و ٣٠١ و ٣٠٣ و ٤٣٨)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه"(٥)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(١٠٣٨)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٦٢٣ و ٦٢٤)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٥٨٥ و ٥٨٦ و ٥٨٧)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(١/ ٨٣)، و (البغويّ) في "شرح السنّة"(١٤٩)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان فضل إسباغ الوضوء على المكاره، وأخرج ابن عبد البرّ رحمهُ اللهُ في "التمهيد" بسند صحيح، عن سعيد بن المسيّب، عن عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إسباغ الوضوء في المكاره، وإعمال الأقدام إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة تَغسل الخطايا غَسْلًا"(٢).