على أرجلنا" من قال بجواز مسح الرجلين - يعني بلا خفّ - ولا حجة له فيه؛ لأربعة أوجه:
[أحدها]: أن المسح هنا يُراد به الغسل، فمن الفاشي المستعمل في أرض الحجاز أن يقولوا: تمسّحنا للصلاة، أي توضّأنا.
[ثانيها]: أن قوله: "وأعقابهم تلوح لم يمسّها الماء" يدلّ على أنهم كانوا يغسلون أرجلهم؛ إذ لو كانوا يمسحونها لكانت القدم كلّها لائحة، فإن المسح لا يحصُلُ منه بَلَل الممسوح.
[ثالثها]: أن هذا الحديث قد رواه أبو هريرة - رضي الله عنه -، فقال: إن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا لم يغسل عقبه، فقال: "ويلٌ للأعقاب من النار" (١).
[رابعها]: أنا لو سلّمنا أنهم مسحوا، لم يضرّنا ذلك، ولم تكن فيه حجةٌ لهم؛ لأن ذلك المسح هو الذي تُوُعِّد عليه بالعقاب، فلا يكون مشروعًا. انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله -، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال:
١ - (أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ) هو: عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان الكوفيّ، واسطيّ الأصل، ثقةٌ حافظٌ مصنّف [١٠](ت ٢٣٥)(خ م دس ق) تقدم في "المقدمة" ١/ ١.
(١) هو الحديث الآتي للمصنّف بعد حديثين. (٢) وفي نسخة: "حدّثناه أبو بكر".