وحفصة، وأم سلمة عنده، ومن أزواجه إلا بالمدينة، فيجوز أن تكودن متأخّرةً عن الأولى، فيمكن أن يحضرها أبو هريرة، وابن عبّاس - رضي الله عنهم - أيضًا، ويُحمل قوله:"لَمّا نزلت … جَمَعَ": أي بعد ذلك، لا أن الجمع وقع على الفور، ولعلّه كان نزل أوّلًا: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)}، فجَمَع قريشًا، فعمّ، وخصّ، كما سيأتي، ثم نزل ثانيًا:"ورهطك منهم المخلصين"، فخصّ بذلك بني هاشم، ونساءه، والله أعلم. انتهى (١).
(قَالَ: لَمَّا (٢) أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)}، زاد في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - الآتي من طريق عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبير، عنه:"ورهطك منهم المخلصين"، وهذه الزيادة وصلها الطبريّ من وجه آخر عن عمرو بن مرّة أنه كان يقرؤها كذلك، قال القرطبيّ رحمه الله: لعل هذه الزيادة كانت قرآنًا، فنُسخت تلاوتها.
ثم استشكل ذلك بأن المراد إنذار الكفّار، والْمُخْلِص صفة المؤمن.
والجواب عن ذلك أنه لا يمتنع عطف الخاصّ على العامّ، فقوله:{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ} عامّ فيمن آمن منهم، ومن لم يؤمن، ثم عطف عليه الرهط المخلصين، تنويهًا بهم، وتأكيدًا.
ومعنى {عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}: أي ذوي القرابة القريبة، و"العشيرة": رهط الرجل الأَدْنوْن، أو هم أهل الرجل الذين يتكثّر بهم: أي يصيرون له بمنزلة العدد الكامل، وهو العشرة.
(دَعَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قُرَيْشًا) بصيغة التصغير، هو النضر بن كنانة، ومن لم يلده فليس بقرشيّ، وقيل: قريش، هو فِهْر بن مالك، ومن لم يلده فليس من قريش، نقله السُّهَيليّ وغيره، وإلى هذا أشار الحافظ العراقيّ رحمه الله في "ألفية السيرة"، حيث قال: