(عن ابْنِ شِهَابٍ)، أنه (قَالَ: قَالَ سَالِمُ) بن عبد الله (سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - ـ (يَقُولُ: سَمعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:"كلُّ أمّتِي مُعَافَاةٌ) قال النوويّ رحمه الله: هكذا هو في معظم النسخ، والأصول المعتمدة: "معافاة" بالهاء في آخره، يعود إلى الأمة. انتهى، ووقع بعضها، وهو الذي في البخاريّ بلفظ: "معاني"، نظرًا للفظ "كلّ"، وهو بضمّ الميم، وفتح الفاء، مقصورًا اسم مفعول من العافية، التي وُضعت موضع المصدر، يقال: عافاه عافية، والعافية دفاع الله عن العبد، والمعنى هنا عفا: الله عنه، قاله في "العمدة" (١)، وقال القاري: "كل أمتي معافى" هكذا في جميع نُسخ "المشكاة"، وهو اسم مفعول من عافاه الله، أي: أعطاه الله العافية، والسلامة من المكروه، وقال الطيبيّ: وفي نُسخ "المصابيح": "معافي" بلا هاء، وعلى هذا ينبغي أن يكتب ألفه بالياء، فيكون مطابقًا للفظ "كل" كما ورد: "كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته". انتهى (٢).
وقال في "الفتح": قوله: "معاف" بفتح الفاء، مقصورًا اسم مفعول من العافية، وهو إما بمعنى عفا الله عنه، وإما سلّمه الله، وسلّم منه. انتهى (٣).
(إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ) قال النوويّ رحمه الله: المجاهرون: هم الذين جاهروا بمعاصيهم، وأظهروها، وكشفوا ما سَتَر الله تعالى عليهم، فيتحدثون بها لغير ضرورة، ولا حاجة، يقال: جهر بأمره، وأجهر، وجاهر. انتهى (٤).
وقال القرطبيّ رحمه الله: كذا رواية أكثر الرواة بتقديم الجيم على الهاء، منصوبًا على الاستثناء، وهو جمع مجاهر، اسم فاعل من جاهره بالقول، وبالعداوة: إذا ناداه، وناجاه بذلك. ووقع في نسخة شيخنا أبي الصبر: "إلا المجاهرون" بالواو رفعًا، وهو جائز، على أن تُحمل "إلا" على "غير"، كما قد أنشده النحويون: