كالقصعة بين الأكلة، كما قال في الحديث الآخر:"يوشك الأمم أن تداعى عليكم، كما تتداعى الأكلة على قصعتها"(١)، قال ذلك مخاطبًا للعرب، ولهم خاطب أيضًا بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القَطْر"(٢).
(فُتِحَ) بالبناء للمفعول، (الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ)؛ أي: من سدّ يأجوج ومأجوج، يقال: رَدَمت الثلمة؛ أي: سددتها، الاسم والمصدر سواء، وذلك أنهم يحفرون كل يوم حتى لا يبقى بينهم وبين أن يخرقوا النقب إلا يسيرٌ، فيقولون: غدًا نأتي، فنفرغ منه، فيأتون بعد الصباح، فيجدونه عاد كهيأته، فإذا جاء الوقت، قالوا عند المساء: غدًا إن شاء اللَّه نأتي، فنفرغ منه، فينقبونه، ويخرجون، أخرجه ابن مردويه في "تفسيره" من حديث أبي هريرة، وحذيفة، وفي "تفسير مقاتل": "يغدون إليه في كل يوم، فيعالجون حتى يولد فيهم رجل مسلم، فإذا غدوا عليه، قال لهم المسلم: قولوا: بسم اللَّه، فيعالجونه حتى يتركونه رقيقًا، كقشر البيض، ويرى ضوء الشمس، فيقول المسلم: قولوا: بسم اللَّه غدًا نرجع إن شاء اللَّه تعالى، فنفتحه. . . " الحديث (٣).
(مِثْلُ هَذِهِ"، وَعَقَدَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ عَشَرَةً) وفي الرواية الآتية: "وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا"؛ أي: جعلهما مثل الحلقة، وفي رواية: "وعقد وهيب بيده تسعين"، وفي رواية عن البخاريّ: "وعقد سفيان تسعين، أو مائة"، وفي رواية سليمان بن كثير، عن الزهريّ عند أبي عوانة، وابن مردويه: "مثل هذه، وعقد تسعين"، ولم يعيّن الذي عقد، ولابن حبان من طريق شريح بن يونس، عن سفيان: "وحلّق بيده عشرة"، ولم يعيّن أن الذي حلّق هو سفيان، وأخرجه من طريق يونس، عن الزهريّ بدون ذِكر العقد.
قال عياض وغيره: هذه الروايات متفقة إلا قوله: "عشرة". قال الحافظ:
(١) رواه أحمد، وأبو داود، وهو حديث صحيح. (٢) "المفهم" ٧/ ٢٠٧، وهذا الحديث متّفقٌ عليه. (٣) "عمدة القاري" ١٥/ ٢٣٨.