مقرعة، وهي جلدة طرفها مشدود، كعرض الإصبع الوسطى، يضربون السارقين عُراةً، وقيل: هم الطوّافون على أبواب الظَّلَمة الساعون بين أيديهم؛ كالكلب العقور، يطردون الناس عنها بالضرب. انتهى (١).
وقال النوويّ -رحمه اللهُ-: هم غلمان والي الشرطة، وفيه إشارة إلى الشرطة الظالمين، وأعوان الأمراء الجبّارين.
(يَغْدُونَ)؛ أي: يذهبون وقت الصباح (فِي غَضَبِ اللهِ، وَيَرُوحُونَ)؛ أي: يذهبون وقت المساء (فِي سَخَطِ اللهِ")، يعني: أنهم دائمًا في غضب الله ومَقْته.
وقال القاري -رحمه اللهُ-: "يغدون"؛ أي: يصبحون "في غضب الله"، و"يروحون"؛ أي: يمسون "في سخط الله"؛ أي: الذي هو أشدّ من غضب الله؛ لتكرار هذا الأمر منهم، واستمرار صدور هذا الفعل عنهم، وفي رواية: "ويروحون في لعنة الله"؛ أي: إبعاده عن رحمته، فإنهم يقدِّمون أمر أميرهم على أمر الله تعالى، ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وقال الطيبيّ -رحمه اللهُ-: المراد بقوله: "يغدون، ويروحون" إما الدوام والاستمرار، كما في قوله تعالى:{يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ}[الأنعام: ٥٢]؛ يعنى: أنهم أبدًا في غضب الله، وسخطه، لا يحلُم عليهم، ولا يرضى عنهم، وإن أريد بهما الوقتان المخصوصان؛ فالمعنى: يُصبحون يؤذون الناس، ويروّعونهم، ولا يرحمون عليهم، فغَضِب الله تعالى عليهم، ويُمسون يتفكرون فيما لا يرضى عنهم الله تعالى، من الإيذاء، والرَّوع، وروى البيهقيّ عن أنس -رضي الله عنه-: "مَن رَوّع مؤمنًا لم يؤمّن الله رَوْعته يوم القيامة، ومن سعى بمؤمن أقامه الله مقام ذلّ وخزي يوم القيامة" (٢)، والله تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف -رحمه اللهُ-.
[تنبيه]: هذا الحديث أورده ابن الجوزيّ في "الموضوعات"، وقال: إنه باطل، قال: وأفلح يروي الموضوعات عن الثقات، وتعقبه الحافظ ابن حجر
(١) "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ١١/ ٩٤. (٢) ضعيف جدًّا، رواه البيهقيّ في "شعب الإيمان" ٧/ ٤٩٧، وفيه مبارك بن سحيم: متروك.