وقال النوويّ: قوله: "نأى بصدره"؛ أي: نهض، ويجوز تقديم الألف على الهمزة، وعكسه، وسبق في حديث أصحاب الغار. انتهى (١).
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "نأى بصدره"؛ أي: نهض به مع ثِقَل ما أصابه من الموت، وذلك دليل على صحة توبته، وصِدق رغبته. انتهى (٢).
ووقع في رواية البخاريّ بلفظ:"فناء"، قال في "الفتح": قوله: "فناء" بنون، ومدّ؛ أي: بَعُد، أو المعنى: مالَ، أو نهض مع تثاقُل، فعلى هذا فالمعنى: فمال إلى الأرض التي طلبها، هذا هو المعروف في هذا الحديث، وحَكَى بعضهم فيه:"فنأى" بغير مدّ قبل الهمز، وبإشباعها، بوزن سَعَى، تقول: نَأَى يَنْأَى نَأْيًا؛ أي: بَعُد، وعلى هذا فالمعنى: فبَعُد عن الأرض التي خرج منها.
قال: ووقع في رواية هشام عن قتادة ما يُشعر بأن قوله: "فَنَاءَ بصدره" إدراج، فإنه قال في آخر الحديث:"قال قتادة ة قال الحسن: ذُكِر لنا أنه لمّا أتاه الموت ناء بصدره". انتهى، واللَّه تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٨/ ٦٩٨٢ و ٦٩٨٣ و ٦٩٨٤](٢٧٦٦)، و (البخاريّ) في "أحاديث الأنبياء"(٣٤٧٠)، و (ابن ماجه) في "الديات"(٢٦٢٢)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه"(٧/ ٦٣)، و (أحمد) في "مسنده"(٣/ ٢٠ و ٧٢)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٦١١ و ٦١٥)، و (أبو يعلى) في "مسنده"(٢/ ٥٠٨)، و (اللالكائيّ) في "اعتقاد أهل السُّنَّة"(٦/ ١٠٥٦)، و (أبو نعيم) في "الحلية"(٣/ ١٠٢)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٨/ ١٧) وفي "شُعب الإيمان"(٥/ ٣٩٧)، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان مشروعية التوبة من جميع الكبائر، حتى مِنْ قَتْلِ