أدعيته مستجابة، وهكذا من داناه في المعرفة من الأنبياء، والأولياء، وهؤلاء هم الموعودون بالإجابة متى دعوا بالدعاء المشار إليه بقوله تعالى:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[غافر: ٦٠]، فمن لم يَعرف، ولم يَستحضر حال الدعاء بضرب ما من ضروب الاستحضارات الصحيحة لم يدع الحقّ، فلم يستجب له. انتهى (١).
وقال الخطّابيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "واذكر بالهدى هداية الطريق"؛ معناه: أن سالك الطريق والفلاة إنما يؤمّ سَمْتَ الطريق، ولا يكاد يفارق الجادّة، ولا يَعدِل عنها يَمْنَةً ويَسْرَةً، خوفًا من الضلال، وبذلك يُصيب الهداية، وينال السلامة.
يقول: إذا سألت اللَّه الهدى، فأَخْطِرْ بقلبك هداية الطريق، وَسَلِ اللَّه الهدى، والاستقامة، كما تتحرّاه في هداية الطريق إذا سلكتها.
وقوله:"واذكر بالسداد تسديد السهم"؛ معناه: أن الرامي إذا رمى غَرَضًا سدّد بالسهم نحو الغرض، ولم يَعدل عنه يمينًا ولا شمالًا؛ ليُصيب الرميّةَ، فلا يطيش سهمه، ولا يُخفق سعيه.
يقول: فأَخْطر المعنى بقلبك، حين تسأل اللَّه السداد؛ ليكون ما تنويه من ذلك على شاكلة ما تستعمله في الرمي. انتهى كلام الخطابيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا الأمر منه -صلى اللَّه عليه وسلم- يدلّ على أن الذي ينبغي له أن يُهتمّ بدعائه، فيستحضر معاني دعواته في قلبه، ويُبالغ في ذكرها بلفظه بضرب من الأمثال، وتأكيد الأقوال، فإذا قال: اهدني الصراط المستقيم، وسدّدني سَداد السهم الصائب، كان أبلغ، وأهمّ من قوله: اهدني، وسدّدني فقط، وهذا واضحٌ. انتهى (٣) واللَّه تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عليّ -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١٨/ ٦٨٨٧ و ٦٨٨٨](٢٧٢٥)، و (أبو داود) في