الكوفيّ الأعمى، ثقةٌ عابدٌ، كان لا يدلِّس، ورُمي بالإرجاء [٥](ت ١١٨) وقيل: قبلها (ع) تقدم في "الإيمان" ٨٥/ ٤٥٢.
والباقون ذُكروا في الباب وقبله.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي بُرْدَةَ) بن أبي موسى الأشعريّ؛ أنه (قَالَ: سَمِعْتُ الأغرَّ) الْمُزنيّ -رضي اللَّه عنه-، وقوله:(وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-) جملة معترضة، وقوله:(يُحَدِّثُ ابْنَ عُمَرَ) جملة في محلّ نصب على الحال من "الأغرّ"؛ أي: حال كونه محدّثًا عبد اللَّه بن عمر بن الخطّاب -رضي اللَّه عنهما-، وقوله:(قَالَ) جملة حاليّة، أو مستأنفة استئنافيًّا بيانيًّا، وهو ما وقع جوابًا عن سؤال مقدّر، فكأنه قال له: كيف تحديثه له؟ فقال: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَا أيّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ) امتثالًا لقوله عزَّ وجلَّ: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ}.
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "توبوا إلى اللَّه" أمرٌ على جهة الوجوب، كما قال تعالى:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ}[النور: ٣١]، وكما قال تعالى:{تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا}[التحريم: ٨]، وقال:{وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[الحجرات: ١١] ولا خلاف أنها واجبة على كل من أذنب، وهي في اللغة: الرجوع، يقال: تاب، وثاب، وأثاب، وأناب وآب: بمعنى: رجع، وهي في الشرع: الرجوع عما هو مذموم في الشرع إلى ما هو محمود فيه، وسيأتي استيفاء الكلام فيها في "الرقاق" -إن شاء اللَّه تعالى- (١).
(فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ) وفي بعض النسخ بإسقاط "إليه"، (مِائَةَ مَرَّةٍ) قال المناويّ: ذِكر المائة هنا، والسبعين في رواية أخرى عبارة عن الكثرة، لا للتحديد، ولا للغاية، كما يدل عليه:{إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً}[التوبة: ٨٠]؛ إذ لو استغفر لهم مدة حياته لم يغفر لهم؛ لأنهم كفار به، فالمراد هنا: أتوب إليه دائمًا، وتوبته ليست عن ذنب كما تقرر، بل لكونه دائمًا في الترقي، فكل مرتبة ارتقى إليها، فما دونها ذنب يستغفر منه. انتهى (٢).