رسولًا يتلو، قال: ومن الذكر عن النسيان قوله: {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ}[الكهف: ٦٣]، ومن الذكر بالقلب واللسان معًا قوله تعالى:{فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوأَشَدَّ ذِكْرًا}[البقرة: ٢٠٠]، وقوله:{فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ}[البقرة: ١٩٨]، وقوله:{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ}[الأنبياء: ١٠٥]؛ أي: من بعد الكتاب المتقدم.
وقوله:{وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}[العنكبوت: ٤٥]؛ أي: ذِكر الله لعبده أكبر من ذِكر العبد له، وذلك حثّ على الإكثار من ذكره. والذكرى: كثرة الذكر، وهو أبلغ من الذكر، قال تعالى:{رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ}[ص: ٤٣]، {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (٥٥)} [الذاريات: ٥٥]، في آي كثيرة. انتهى كلام الراغب -رحمه الله - باختصار (١).
وأما الدعاء، فهو الرغبة إلى الله تعالى، يقال: دعا دُعاء بالضمّ، ودَعْوَى بالفتح والقصر، أفاده المجد (٢).
وقال الفيّوميّ -رحمه الله -: دعوت الله دعاءً: ابتَهَلت إليه بالسؤال، ورغِبت فيما عنده من الخير (٣).
وقال الراغب -رحمه الله -: الدعاء كالنداء، إلا أن النداء قد يقال بيا، أو أيا، ونحو ذلك من غير أن يُضم إليه الاسم، والدعاء لا يكاد يقال إلا إذا كان معه الاسم، نحو: يا فلان، وقد يُستعمل كل واحد منهما موضع الآخر. قال تعالى:{كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً}[البقرة: ١٧١]، ويستعمل استعمال التسمية، نحو: دعوت ابني زيدًا؛ أي: سمّيته، قال تعالى:{لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}[النور: ٦٣]، حثًّا على تعظيمه، وذلك مخاطبة من كان يقول: يا محمد، ودعَوْتُه: إذا سألته، وإذا استغثته، قال تعالى:{قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ}[البقرة: ٦٨]؛ أي: سَلْه، وقال: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوأَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٠)}