أنه من خماسيّات المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-، وأنه مسلسلٌ بالكوفيين من أوله إلى آخره، وأبو موسى - رضي الله عنه - ممن سكن الكوفة والبصرة، وفيه رواية الراوي عن جدّه عن أبيه، وأنه صحابيّ من مشاهير الصحابة - رضي الله عنهم -، ذو مناقب جمّة.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي مُوسَى) الأشعريّ عبد الله بن قيس - رضي الله عنه -؛ أنه (قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أتاهُ طَالِبُ حَاجَةٍ أَقْبَلَ عَلَى جُلَسَائِهِ) الصحابة الكرام - رضي الله عنهم -، (فَقَالَ:"اشْفَعُوا) أمْر بالشفاعة، وهي الطلب، والسؤال بوسيلة، أو ذِمَام، (فَلْتُؤْجَرُوا)؛ أي: يُثبكم الله على الشفاعة، وإن لم تُقبل، والكلام فيما لا حدّ فيه من حدود الله تعالى؛ لورود النهي عن الشفاعة في الحدود (١).
وفي رواية البخاريّ: "أنه كان إذا أتاه السائل، أو صاحب الحاجة قال:"اشفعوا، فلتؤجروا، ولْيَقْضِ اللهُ على لسان رسوله ما شاء".
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "تؤجروا" كذا وقع هذا اللفظ: "تؤجروا"، بغير فاء، ولا لام، وهو مجزوم على جواب الأمر المضمّن معنى الشرط، ومعناه واضح، لا إشكال فيه، وقد رُوي:"فلتؤجروا" بفاء، ولام، وهكذا وجدته في أصل شيخنا أبي الصبر أيوب، وينبغي أن تكون هذه اللام مكسورة؛ لأئها لام كَيْ، وتكون الفاء زائدة، كما زيدت في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قوموا فلأصلّ لكم"(٢)، في بعض رواياته، وقد تقدم قول من قال: إن الفاء قد تأتي زائدة، ويكون معنى الحديث: اشفعوا لكي تؤجروا، ويَحْتَمِل أن يقال: إنها لام الأمر، ويكون المأمور به التعرّض للأجر بالاستشفاع، فكأنه قال: استشفعوا، وتعرّضوا بذلك للأجر، وعلى هذا فيجوز كسر هذه اللام، على أصل لام الأمر، ويجوز تخفيفها بالسكون؛ لأجل حركة الحرف الذي قبلها. انتهى (٣).